لو افترضنا أن المقترح الروسي بشأن سوريا سار على ما يرام، وهو على ما يبدو كذلك، فإن ذلك يعني إصدار عفو عن نظام الأسد، الملطخة يديه بالدماء، والذي استخدم سلاحا محرما دوليا أمام سمع العالم، وبصره، وإن شئت الدقة، فهذا يعني أيضا إصدار شهادة حسن سيرة، وسلوك لنظام فاشي، ومجرم !، وكل ما يخشاه المتابعون قد يحصل، فنظام الأسد تعهد بالتوقيع على معاهدة حظر الأسلحة المحرمة دوليا، ما يعني أنه سيطهر نفسه بشهادة دولية!، ولا ندري كيف سيكون مستقبل السوريين مع مثل هذا النظام، فيما لو قدر له أن يستمر، فالتاريخ يقول إن الأنظمة الشمولية، الفاشية لا تنسى، ولا تغفر، ما يعني أن النظام قد يخطط للقضاء على خصومه على مراحل متدرجة على مدى سنوات، وخصومه هنا هم الغالبية العظمى من الشعب السوري!.
إن التعامل مع نظام الأسد بهذه الطريقة، تشبه تماما أن تطلب من قاتل محترف، ارتكب للتو جريمة قتل إنسان برئ، أن يسلم مسدسه في مقابل العفو عنه !، وبهذه الطريقة فإن هذا القاتل سيسلم سلاحه بكل يسر، ولن يعدم طريقة يشتري من خلالها مسدس آخر، أو يستعين بصديق ليعيره مسدسه، ولو افترضنا أنه تم التعامل مع مجرم فرد بالطريقة الآنفة الذكر، فإن هذا سيشجعه، ويشجع أمثاله على مواصلة سلوكهم الإجرامي، ولكن المجتمع الدولي فعل ذلك مع النظام السوري على أي حال، فقد استسلم الغرب للإرادة الروسية، وسيكون لهذا عواقب وخيمة في التعامل مع كل الأنظمة المارقة مستقبلا، كما أنه قد ينهي عصر التفرد الأمريكي، وهيمنته على العالم خلال العقدين الأخيرين، ويبقى السؤال الهام، والذي ستجيب عنه قادم الأيام، والأحداث : هل فعل السيد الأمريكي هذا عجزا، أو نكاية بأطراف دولية لها علاقة بالشأن السوري، أو أنها إستراتيجية جديدة لا يدرك أبعادها المعلقون؟!.
يبقى القول إنه، ومع أننا ضد التدخل الأجنبي في شؤوننا ، إلا أن الأنظمة الدموية الشرسة، مثل نظام صدام حسين، وبشار الأسد، والقذافي لن يستطيع هزيمتها، وتخليص الشعوب من شرورها إلا قوة عظمى، وعلى من يعترض على ذلك، خصوصا أؤلئك الذين لا زالوا يلطمون على الشهيد صدام حسين !، أن يتعبوا أنفسهم قليلا بالبحث في محرك البحث على الإنترنت عن الجرائم التي ارتكبها صدام، ولا أظن أن أحدا منهم سيصمد أمام حجم الجرائم، وعنفها، وقسوتها، خصوصا ذلك الفيلم الذي يبدو فيه جنود صدام، وهم يتلذذون بجز رؤوس مجموعة من المعارضين، ثم بعد ذلك يختمون المشهد بالرقص على أنغام الموسيقى الشعبية، وهم يرفعون رؤوس القتلى التي تقطر دما، ولا مانع من أن يطلع هؤلاء على مشهد شنق القذافي للشاب الليبي، الصادق حامد الشويهدي، حيث تم حشد طلاب المدارس في استاد الباسكتبول في بنغازي، ثم بعد محاكمة صورية، أقدمت المجرمة هدى بنت عامر على شنق الشويهدي بطريقة بشعة، وسط صيحات الجماهير، وكأن التاريخ يعيد مشهد التضحية بالجعد بن درهم قبل قرون طويلة، ومثل هؤلاء المجرمين من القادة لن يستطيع إزالتهم، وإراحة العالم من شرورهم إلا قوة عظمى، مهما كان اعتراضنا على تدخل الغرب في شؤوننا من الناحية النظرية، فهل يخيب أوباما ظن الشعوب، ويفعلها، ويخلص العالم من نظلم الأسد الفاشي، أم أننا سنرى حافظ ابن بشار الأسد يحكم سوريا بعد نصف قرن من الآن؟
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2