|
فرح التومي - تونس - الجزيرة:
لا أحد ينكر أن الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية التي يعيش على وقعها التونسيون منذ أكثر من شهر ونصف الشهر قد بلغت حداً خطيراً أضحى معه وجوب التعجيل بالتوافق بشأن حل سياسي لها من أوكد الضروريات التي لابد أن تقتنع بها الطبقة السياسية الفاعلة في البلاد من داخل السلطة وخارجها، وتعمل على تفعيلها.
ويبدو أن أزمة تونس ولادة حيث أفرزت عدداً كبيراً من الأزيمات الصغيرة، إن صح التعبير، من ذلك ما تسجله دفاتر رجالات الأمن يومياً من تهريب للسلاح من ليبيا ومطاردة حينية لتجار السلاح الذين تضاعف عددهم مرات ومرات منذ الثورة. أما اقتصادياً، فلا بد من الإقرار بأن البلاد لم تشهد طيلة تاريخها الحديث تدهوراً مماثلاً، في ظل تراجع القدرة الشرائية للتونسيين وارتفاع مجنون للأسعار، وبروز كبير للإرهاب، وانعدام الثقة بين الشعب والطبقة السياسية برمتها.
وينتظر ان تعقد اليوم او غداً المنظمات الأربع الراعية للحوار ندوة صحفية تكشف فيها عن أهم ملامح خارطة الطريق التي اقترحتها على الترويكا والمعارضة وعن خفايا ما دار في كواليس المفاوضات التي فشلت في لم شمل الفرقاء السياسيين، وإن كان اتحاد الشغل لا يعتبر أن المشاورات قد وصلت الى طريق مسدود في مسعى الى الإبقاء على الحوار تحت سيطرته وإبعاد الرئيس المرزوقي عنه خاصة وأن هذا الأخير بدا بعد سلسلة من المشاورات وكأنه منح نفسه منصب الراعي الجديد للحوار بالرغم من تحذيرات الاتحاد من مغبة ركوب الرئاسة على جهوده وعمله طيلة شهر كامل على تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع.
وشدد العباسي، الذي كان من المنتظر أن يكشف أسرار الاجتماعات المغلقة التي رعاها الاتحاد على امتداد أربعة أسابيع مع طرفي النزاع دون التوصل الى وفاق ينهي الأزمة الراهنة، على أن مبادرة الاتحاد التي تبنتها المعارضة لم تقبل بها الترويكا الحاكمة، مضيفاً بأن رباعي الوساطة سيواصل مساعيه الرامية الى رأب الصدع بين الفرقاء السياسيين خلال الأسبوع الجديد مع الأمل في التوصل الى تحقيق أهداف الحوار إلا وهو قبول النهضة ومن وراءها الترويكة استقالة الحكومة وتحوير النظام المؤقت للسلطات وتحديد سقف زمني لعمل المجلس التأسيسي في ظل حكومة كفاءات مستقلة تخلف حكومة العريض.
وفي سياق متصل، أعلن مصطفى بن جعفر عن استئناف عمل المجلس الوطني التأسيسي يوم الثلاثاء القادم بالنظر في مشاريع قوانين منها ما يتعلق بالمصادقة على اتفاقية تمويل مبرمة بين لحكومة التونسية وحكومة دولة قطر للمساهمة في إنجاز القسط الثاني من المجمع السكني عمر المختار في إحدى الضواحي الشعبية للعاصمة تونس.
وفي جانب آخر، لم ينكر وزير الداخلية لطفي بن جدو الاتهامات التي وجهت الى وزارته بخصوص تقاعسها عن حماية السياسي محمد البراهمي الذي اغتاله إرهابيون صباح يوم 25 يوليو الماضي أمام بيته بالرغم من وصول تحذيرات استخباراتية أجنبية من إمكانية استهدافه ذلك اليوم. وأقر وزير الداخلية بأن المعلومة الصحيحة لم تصله إلا بعد تنفيذ الاغتيال، معلناً أنه أمر بفتح تحقيق أمني وآخر عدلي للكشف عن الجهة التي تقف صلب وزارته وراء تعطيل وصول المعلومة إليه.
وكان السياسي المعارض حمة الهمامي اتهم صراحة وزير الداخلية بالتقاعس في حماية البراهمي الذي كانت أكبر جهات استخباراتية عالمية حذرت من اغتياله حيث أرسلت مكتوباً في الغرض تسلمته المصالح المختصة بالداخلية بتاريخ 14 يوليو ومشدداً على أن عدم متابعة الرسالة الخطيرة إما يدل على التواطؤ او التهاون مما يضع الداخلية تحت طائلة المساءلة القضائية. وهي مسألة مرشحة الى المزيد من التصعيد خاصة في ظل تمسك نقابات الأمن بوجوب التحقيق في هذا الموضع وفي مسائل أخرى تتعلق بالأمن الموازي وبالفساد صلب وزارة الداخلية وعدم حيادية عدد من قياداتها.
فقد كشفت إحدى اللجان صلب المجلس التأسيسي عن وثيقة تثبت أن الرئيس المبزع الذي خلف رئيس اليوم الواحد إثر الثورة محمد الغنوشي، تقاضى خلال التسعة أشهر التي استغرقها حكمه، التمتع بمنحة السكن المقدرة بحوالي 10 آلاف دولار، وواصل ذلك الى غاية اليوم استناداً على أمر أصدره هو نفسه بما يعني أنه منذ تاريخ تنصيبه رئيساً والى غاية اليوم تقاضى حوالي 220 ألف دولار كاملة من أموال الشعب «الأتعس» في المغرب العربي وفق آخر تقرير للأمم المتحدة.
هذا بالإضافة الى جراية تقاعد مدى الحياة تعادل أجرته كرئيس دولة التي تصل الى 30 ألف دولار يتقاضاها وهو في بيته، علماً أن المبزع وطيلة فترة رئاسته لم يدخل القصر الرئاسي بقرطاج سوى مرة واحدة عند تسليمه مقاليد الحكم الى خليفته الرئيس المرزوقي.