منذ قرون وأبناء الجزيرة العربية، وبالذات أبناء المملكة العربية السعودية، يهاجرون إلى الدول المجاورة وبالذات دول الشمال، وهناك الكثير من المدن في سوريا والعراق والكويت إضافة إلى البحرين وقطر أنشأها السعوديون، وكان بعض منها أحياء مغلقة على السعوديين الذين كانوا يسمونهم بـ(النجادة)، فمدينة الزبير المشهورة أنشأها ونماها وطورها النجادة السعوديون، وضمت المدينة العديد من الأسر النجدية المشهورة التي قدمت الكثير من الأدباء والمفكرين والسياسيين والعلماء، ومثلها مدينة سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار التي كان اسمها الأصلي (الناصرية) نسبة إلى الشيخ ناصر باشا السعدون، مؤسس ومنشئ المدينة، وكان للسعوديين وجود قوي في مدينة السماوة، وفي بغداد كان في (العكيلات) الذي يمثل نصف منطقة الكرخ، والذي يشكل الآن المنطقة الخضراء مقصور على النجادة من أحفاد العكيلات الذين استوطنوا العراق، وبرزت أسر سعودية كبيرة منها أسرة السعدون التي هاجر شيوخها الأوائل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وبرز من هذه الأسرة العديد من الشخصيات التي أثرت في تاريخ العراق الحديث، ومنهم الشيخ ناصر السعدون وأخوه الشيخ منصور السعدون والشيخ عجمي السعدون، كما تقلد الشيخ عبدالمحسن السعدون رئاسة الحكومة العراقية ورئاسة مجلس النواب والذي يحتفظ له العراقيون بكثير من المواقف الوطنية التي يتناقلها العراقيون حتى اليوم، ومنها عدم توقيعه الوثيقة البريطانية التي تستبدل الاستعمار البريطاني بالهيمنة السياسية، وقال قولته الخالدة بأن حفيد الرسول لا يوقع وثيقة العبودية، وفضل الانتحار على سدة رئاسة مجلس النواب العراقي، مردداً بأنه يوقع بالدم على استقلال الوطن، وأن الإنسان المسلم حر.
هذه المواقف البطولية والإسهام الإيجابي والتنموي والاقتصادي والعلمي للسعوديين من النجادة والعكيلات والسعدون لم يشفع لهم لدى من يهيمنون على العراق الآن من الصفويين وأحفاد الفرس الذين تدفقوا على العراق في أعقاب الاحتلال الأمريكي البريطاني العراقي، إذ تشهد المدن العراقية التي يتواجد بها هؤلاء السعوديون عمليات انتقام واغتيالات وقتل لمجرد أنهم ينحدرون من أصل سعودي، فقد شهدت مدينة سوق الشيوخ مقتل العديد من أهل السنة من ذوي الأصول السعودية، وكذلك شهدت ناحية الفضيلة مقتل شاب من آل سعدون وإصابة والده إصابة بليغة، وجرت عمليات قتل ومحاصرة لأهل السنة في مدينة الزبير التي كانت مدينة أغلبيتها من أبناء نجد، إلا أن حكام العراق الجدد حولوها إلى مدينة صفوية باستقدام إيرانيين حتى أن أحد الأصدقاء الذي سافر إلى الزبير لم يقوَ على منع دموعه من التساقط بعد أن سمع القوم هناك يتبادلون الحديث بالفارسية، وصور الخميني وخامنئي تُرفَع في الدكاكين.
الأحفاد السعوديون المهددون بالقتل والمطاردة يستنجدون بإنقاذهم من عمليات (التطهير) التي تقوم بها المليشيات الطائفية، فهل من مستجيب..!!
jaser@al-jazirah.com.sa