نحن لا نشاهد مجمل الإجراءات والتدابير التي تعد لنا داخل أقسام الإدارات الخدمية المتعددة، نحن نشاهد ما يقدم لنا من خدمات هي خلاصة ونتائج هذه الجهود الدؤوبة ولا نتصور تمام التصور أن وراءها جيشا من العاملين كلا في تخصصه ومجاله، ولا نعرف تفاصيل وكلفة وقيمة العمل الفعلية والجهد المبذول من أجل أن تصلنا الخدمة ميسرة متكاملة، كل نواحي القصور التي يتحدث عنها الجمهور ليست بسبب قلة في تقديم تكلفة الخدمات لكنه قصور في التعامل معها وسوء تنفيذها وتدبيرها في (بعض) المنشآت وما يتفرع عنها من دوائر وأقسام، مما يتطلب رقابة جادة تضاهي قيمة هذه المبالغ والتكلفة، ليس من الحكمة تقديم الأرقام السخية لصحة وتعليم وسلامة المواطن مثلاً وتركها لبعض العابثين أو غير المدركين لحجم المسئولية، المواطن حينما يقرأ ويسمع عن الأرقام الفلكية التي تدفع للصرف على خدمته ثم لا يجد الخدمة الموازية فإنه سيجأر بالشكوى والتذمر فلا عتب عليه، وبدلاً من أن نغضب عليه ونعاقبه على جرأته على التذمر والشكوى فالأفضل أن نعمل على تطمينه وتعريفه بما يتم من أعمال جليلة ومبالغ ترصد في سبيل خدمته ورفاهيته، وان القصور في وصول الخدمة إليه كاملة له أسبابه التي يتم علاجها علاجاً مدروساً وإظهار نتائج هذا العلاج في قصور الخدمة ليكون المواطن على ثقة بأن ولاة الأمر جادون في محاسبة كل من توكل له المناصب ولا يؤدي واجبها بقدر حصوله على منافعها ومميزاتها التي يحرص دائما على تمامها واكتمالها واجتهاده في طلب المزيد من الخير، فكذلك المواطن يريد منه أن يقوم بواجبات وظيفته على الوجه الأكمل وإبراء الذمة في ما اؤتمن عليه، وسيعلم حينها كل من لا يستطيع محاسبة نفسه ومنعها عن غيها أنّ خلفه من يتابعه ويراقب عمله وسيحاسبه عن كل تقصير، وهذا السلوك الرقابي ليس عيباً أو بدعة بل انه عين الصواب ليستقيم أمر مثل هؤلاء، ثم إن كل مواطن هو رقيب على نفسه أولا ثم على غيره ممن يقومون على شأن هذه الخدمات العامة، بمعنى آخر، فإن كل مواطن يشعر بقصور في خدمة ما فليعلم أنه أيضا محاسب على ما يتولاه هو من أمور الناس أو أسرته على الأقل إن لم يكن مسئولاً عن أي مرفق خدمي، لا تكتمل وتستقيم الأمور حتى يشعر كل منا انه يؤدي واجبه على الوجه الأكمل، كل في موقعه مهما كان صغيراً أو بسيطاً فهو عمل يلتقي مع أعمال أخرى لتكون المسألة في النهاية تكاملية يسند بعضها بعضاً لتكتمل الصورة، وندم للمجتمع أفضل الخدمات المنشودة كل بجهده، أعود للتأكيد بأن المراقبة والمتابعة المنظمة المنضبطة العادلة هي من أسس نجاح كل عمل، فمثلاً الثري الذي يقن توزيع الشاي والقهوة على موظفي شركاته، ويعمل على منع الهدر في استهلاك الطاقة الكهربائية في الإنارة والتكييف في مكاتب أعماله لم يكن بخيلاً، غير انه واقعي يرفض العبث بالمال في حين يقدم فيه أعلى التبرعات للجمعيات والمؤسسات الخيرية، ويساعد المحتاج من الموظفين ويقف معهم عند الأزمات والنوائب ويكون لهم كالأب والأخ الكبير.
t@alialkhuzaim