العرب تقول: «من نام عن عدّوه , نبّهته المكائد»... وهو يسري نحو كل عدو...,
فالجهل عدو.., والفقر عدو .., والمرض عدو..
وقد ينام المرء عن جهله نوم مستهتر غير عابئ بنتائج الجهل ..., فيستيقظ على مرور القوافل بعيداً عنه... ولا يلحق بها..!!,
أو على وقوعه في براثن جهله.. فلا يستطيع مداواة كسوره.., ولا مداراة حطامه...!!,
وقد لا يعبأ المرء بأمراضه الجسمية فتتفاقم.. ويعز علاجها, والخلقية , والفكرية ولا يقوى على نتائجها.., وما أشد ويلات هذه الأمراض الأخيرة..
وقد يتقاعس المرء عن جدّية العمل .., ويتّكل على سواه في شأن معاشه.., ويقع في برائن الديون, والحاجة, ومذلّة السؤال, وحرج الفاقة.. بعد ترف, أو سرف ..
المرء بعقله , هذا الأمانة الكبرى لديه.., لابد له أن سيقف يوماً في محطة شاسعة .., أو في زاوية ضيقة..
ولسوف يسائل نفسه عما فرط فندم.., وعما كان يمكن أن يكون فيه من سلام مع نفسه, وفي حياته , فوقع في براثن أعدائه:
مصائب الجهل.., وخور الفقر.., ووخامة المرض...
ويأتي فيما بعد العدو الأوحد الخارج عن الذات.., عدو الحرب, الطامع في الأرض وطنه , وفي المقدرات ِرزقَه, وفي المكانَ بيته وسكنه.., المترّصد له ..
عدو الأرض , والعقيدة..
عدو الفكر, والآلة , وميادين القتال..
هذا العدو الذي قوي بقوة منجزات العصر, وأصبحت حربه شرسة مستديمة, حرب عقيدة, وقيم, ومبادئ, وأخلاق, وأفكار, حرب أجساد, وبلدان.. مغلّف بأوراق الورد, وأضواء البرق, وألوان الطيف..كثيرة مبادئه وشعاراته ,كثير لهاثه, ديمومي ركضه, مغرية كل كلياته, مرعبة كل تفاصيله.. النائم عنه خاسر ..
فمن ينام عن كل عدو يخسر ..
ولعل حكمة العربي أن تصبح نبراساً لمحاربة الإنسان ِالأعداءَ كلهم,..:
الفقر بأنواعه حتى فقر النفس..,
الجهل بأشكاله , المرض بكل تفاصيله ..,
بدءاً بأمراض النفس, والعقل, والخلق ...,
وانتهاءً بأمراض الجسد التي تعتري الإنسان فيطببها..
ومن ثم ذلك العدو الأكبر الغازي ركنَك,.. الغازي عقلك.., الطامح فيما بعد لكل ما هو لك..!!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855