|
الجزيرة - ياسر الجلاجل:
تتجه أنظار السعوديين العاملين بالقطاع الخاص إلى مجلس الشورى خلال الأسبوع القادم ترقباً لرفض تمرير تعديل المادة 55 من نظام العمل؛ كونه يفقد الأمان الوظيفي ويعزز من سلبيات العمل بالقطاع الخاص، ولتأثيره المباشر السلبي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وقال الموظف بإحدى كبرى شركات الاتصالات محمد الفهد إن التعديل يعني الإجحاف بحقوق المواطن بعد أن أفنى ربيع عمره وشبابه في خدمة المنشأة. قائلاً: بعد أن أمضيت 14سنة من العمل بجد وإخلاص علىحساب اسرتي حتى تمنح مزايا مالية جيدة نظير تلك الجهود ومن ثم يتغير مديري المباشر ويرى اني لست كفؤاً ولست بالتأهيل المطلوب ثم يقوم بإنهاء عقدي فأين أذهب وقتها؟! ومن يعينني على سداد القروض والالتزامات المالية ! وكيف سأجد وظيفة مناسبة لخبرات ومزايا الوظيفة السابقة !
و شدد الفهد أن إنهاء التعديل يسيء لسمعة العامل عند انهاء عقده كونها سلبية في السيرة الذاتية للمتقدم لطلب العمل وتسبب نفور أي جهة من إعادة توظيفه ظناً منها أن هذا العامل لو كان مؤهلاً وملتزماً لما تم طرده من عمله السابق.
الموظف خالد العتيبي قال ان العامل السعودي نجح في مستشفيات التشغيل الذاتي وكبرى الشركات مثل سابك و القطاعات المصرفية كون البيئة مستقرة و تحترم الموظف و تلتزم بمنحه حقوقه كما هو يؤدي واجباته، ولكن بيئة رجال الأعمال مختلفة يرغبون بعامل سعودي مؤهل براتب متدن يقوم بعمل كل شيء حتى لو خالف النظام و بلا زيادة الراتب و لا دورات و هي ما تجعل العامل السعودي في وضع غير مستقر، والمفترض على وزارة العمل إقامة دورات وورش عمل لرجال الأعمال وشركات القطاع الخاص لتوعيتهم بحقوق الموظف والعوائد الإيجابية على المجتمع في حال منحهم حقوقهم وتطويرهم، واحترام الموظف وتقديره، معبِّراً عن أسفه الشديد على تعديل المادة 55 قائلاً النظام وضع لحماية الضعيف لا أن تضيف ضعفاً فوق ضعفه، وبكل الأشكال لا يستطيع أي موظف أن يكون عثرة أمام رب العمل كونه الحلقة الأقوى ويستطيع إنهاء عقده وفق ضوابط حددها النظام. قائلاً: الكل يعلم مستوى ثقافة الوعي بالحقيقة وحجم انتشار الفساد الإداري والمالي.. فكيف نمنح صلاحيات مطلقة للقطاع الخاص بإنهاء عقد أي موظف لم يرتكب أي اعمال منافية للنزاهة والأمانة أو أخل بالعمل وأضر بمصلحته. مشدداً على أن كل عامل يطمح لخدمة المنشأة بأعلى قدر من الكفاءة لضمان ترقياته وعلاواته الوظيفية، إلا أن تحجج القطاع الخاص عن كسل السعوديين هو بسبب رغبتهم مساواة السعودي بالأجنبي كأن يعمل أكثر من 8 ساعات وبلا تذمر وأن يقوم بكل الأعمال الإدارية والفنية وغيرها في وقت واحد دون تذمر!.
أطلق المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز بن عبدالله الخريجي تحذيراته من سلبيات تعديل المادة 55 المقترحة من وزارة العمل؛ كونها تفقد الموظف السعودي الأمان الوظيفي بكل صراحة وفصاحة، وتمنح رب العمل سلطة قوية وتعسفية في إنهاء عقود الموظفين بقوة النظام. مبيناً أن مكاتب العمل تعج بحالات الفصل التعسفي و أن بيئة العمل بالقطاع الخاص تعاني كثيراً من تعسف إداري، ومنها طلب بعض ارباب العمل من العامل السعودي أن يعمل في اكثر من تخصص في آن واحد أو بزيادة في وقت الدوام دون تعويض، والقائمة تطول، وهنا ينتج تنافر داخلي من الموظف من جراء هذا السلوك ونفور رب العمل في حال رفض الموظف القيام بأعمال مخالفة للنظام أو المطالبة بحقوق كفلها له النظام، وبالتالي سيقوم رب العمل بفصل الموظف بشكل سريع جداً.
مطالباً أعضاء مجلس الشورى بالإبقاء على تلك المادة دون تعديل على اعتبار أنها فرضت العدالة الاجتماعية بالرغم من أن الموظف السعودي هو الحلقة الأضعف دائماً، موضحاً أن المادة الحالية رقم 55 منحت رب العمل عدم تجديد عقد الموظف خلال أول ثلاث سنوات، وهي مدة كفيلة بكشف سلوك الموظف وإظهار أي عيوب في أدائه الوظيفي، وبالتالي التنبؤ بأدائه المستقبلي، وبناء عليه يتخذ قرار بتجديد العقد أو عدم التجديد، كما أنها منحت رب العمل بعد ثلاث سنوات عندما يتحول العقد لعقد مفتوح حق إنهاء عقد الموظف السعودي وفقاً لأسباب مشروعة عديدة قررها النظام، مثل الإخلال بأنظمة صاحب العمل أو تدني الإنتاج وفقاً للتقييم الوظيفي. وطالب الخريجي بعدم تعديل المادة 55 كونها تسبب خللاً في المنظومة الاجتماعية على اعتبار أنها ستجعل الموظف السعودي يفقد حقوقه الوظيفية، وتضعف موقفه في العلاقة التعاقدية مع صاحب العمل خوفاً من إنهاء عقده بسبب إلغاء الحماية التي كفلها النظام.
مبيناً أن هناك شريحة كبيرة من القطاع الخاص يماطل في منح التأمين الصحي للموظف وأسرته وفقاً للنظام، وفيما لو قام الموظف بالمطالبة بهذا الحق المشروع فسيتعرض لإنهاء عقده بلا سبب وبقوة النظام.
وأضاف الخريجي أن نظام العمل وجد لتحقيق عدالة وحماية بين أطراف العلاقة (صاحب العمل والعامل) خصوصاً الطرف الأضعف وهو العامل.
فالنظام يتضمن نوعين من القواعد، قواعد خاصة يمكن الاتفاق خلاف مضمونها وقواعد عامة آمرة لا يجوز الاتفاق خلافها، وإن تم الاتفاق عد الاتفاق باطلاً أي كأنه لم يكن، ما لم يكن أكثر فائدة للعامل، فمن هنا يتضح بأن الهدف الرئيس من نظام العمل بأنه لتحقيق ضمانة وامتيازات للطرف الأضعف في العلاقة العمالية التعاقدية بأن حصن العامل ببعض القواعد القانونية، فالمادة الخامسة والخمسون هي إحدى النصوص التي تتضمن قاعدة آمرة كما سبق إيضاحها، فنصت على أن العقد المحدد المدة إذا انتهت مدته واستمر الطرفان بالعمل بتنفيذه أصبح العقد غير محدد المدة، ونصت كذلك على أن العقد إذا جدد لمرتين متتاليتين أو بلغت مدة العلاقة التعاقدية ثلاث سنوات تحول العقد لغير محدد المدة، ونرى بأن المنظم السعودي قد وفق في النص الآمر ورتب أحد المحفزات لدخول السعوديين للعمل بالقطاع الخاص، إذ تهدف القاعدة القانونية لتحقيق الاستقرار والأمن الوظيفي للعامل السعودي، ومن ثم الاستقرار الاجتماعي.
من جانبه حذر المحامي والباحث المتخصص بأنظمة العمل علي القرني من إقرار تعديل المادة 55 المقترح من وزارة العمل؛ كونها تسلب الموظف السعودي كل حقوقه، وتفقده الاستقرار الاجتماعي والنفسي؛ فالتعديل يخدم في المقام الأول رب العمل على حساب المواطن والوطن، والمفترض أن النظام يحمي الطرفين خصوصاً العامل؛ كونه الحلقة الأضعف.
وأوضح أن التعديلات التي جرت على شروط التعاقد من المادة 55 تتيح لكل صاحب عمل في نهاية مدة العقد أن يلقي بعامله إلى الشارع بقوة النظام الجديد، من دون ملاحقة أي جهة قضائية، مبيناً أن المخرج الوحيد لحفظ حقوق العمال يكون في بقاء مدة العقد بشروطه وآثاره الموجودة في نظام العمل الحالي.. وأضاف أن التعديل سيجبر الموظف على القيام بأي مهام في غير اختصاصه مجبراً، أو سيكون مصيره الشارع، ولن يتمكن من المطالبة بأي من حقوقه وامتيازاته الوظيفية حتى لا يثير غضب رب العمل وينهي عقده بكل بساطة، كما أن الشركات الكبرى ستتخلص من صرف مكافأة نهاية الخدمة بإنهاء العقود وتجديدها قبل انتهاء المدة المحددة نظاماً.
وأوضح القرني أن وزارة العمل تسعى لإلغاء الاتفاق الضمني بين طرفي العقد الموجود في النظام الصادر برقم م/21 في عام 1389هـ والنظام الصادر برقم م/51 في عام 1426هـ ووفقاً للمحامي القرني أنه اطلع على مقترحات وزارة العمل لتعديل نظام العمل، ورصد سبع مواد قامت الوزارة بتعديلها إجحافاً في حق المواطن، كونها تمنح صلاحيات مطلقة في إنهاء عقود العمل وتشريد العامل، من دون أن يكون له حق المطالبة بالتمسك في استمرارية العقد إذا لم يكن هناك سبب مشروع لإنهاء العقد غير المحدد المدة، إذاً تخدم تعديلات الوزارة أصحاب العمل فقط.