خبر “مساء يوم الاثنين المنصرم”.. في استطلاع الرأي العام الأمريكي يرى 80% من الأمريكان أن النظام السوري استخدم المواد الكيميائية المحظورة ضد شعبه، ولكن 70% منهم يتساءل عن الفائدة القومية الأمريكية التي ستتحقق جراء ضرب النظام ومن ثم إسقاطه من قبل القوات الأمريكية؟!.
هذه المعادلة المرتكزة على المصلحة “الداخلية” المرتقبة من أي تحرك “خارجي” تنفي المثالية المدعاة في الديمقراطية الغربية عموماً والأمريكية على وجه الخصوص، وتبرهن على التوظيف العلني لما يحدث في ساحتنا العربية من قبل الشارع الأمريكي، وتجعل كثيراً منا يُسخر بشكل أو بأخر لخدمة الدول القوية علم ذلك أو لم يعلم .. نعم قد تختلف المنطلقات، وقد تتباين النوايا، وقد لا يشعر هذا الإنسان أو ذاك أن هناك أجندة يعمل على تنفيذها، هو في الظاهر يمقتها ويرفض وجودها على أرض الواقع ولكنه في النهاية يصل إلى ذات الهدف الذي جعله الساسة الأمريكان ومن خلفهم الرأي العام نصب أعينهم في هذا الجزء من وطننا العربي الحبيب. ولذا وارد وبقوة أن يكون الإسلام السياسي وثوار الربيع العربي والمعارضة الشيعية في منطقة الخليج والصحيفة الفلانية والقناة الإعلامية العلانية والحراك الثقافي/ السياسي السريع و.... ولذا وارد جداً أن هذه المفردات التي هي في حس المواطن العادي متناقضة وبينها صدام وصراع لا يهدأ تحظى بالتوظيف والمباركة وتقدم لها الخدمات اللوجستية من أجل تفكيك المنظومة العربية وهز القواعد الأمنية الخليجية وهذا الأمر في نظر المختصين ليس بمستغرب في عالم السياسة والتخطيط الإستراتيجي الدولي ولكن الغريب عند المفكرين والمثقفين العارفين بالتحركات والتوجسات الدولية هو ما تحدث عنه المفكر المعروف “مالك بن نبي” رحمه الله من قابليتنا نحن الشعوب العربية للاستعمار المادي منه والمعنوي، وعجزنا عن إيجاد الموازنات الحقيقية ترسيخاً للأمن الوطني وحماية للسلام المجتمعي.
إن السؤال الذي يعيد نفسه في كل عام ميلادي يمر علينا عشية يوم الحادي عشر من سبتمبر، ترى من الذي ضرب البرجين في نيويورك الأمريكية، وهل كانت المخابرات الأمريكية على دراية وعلم بذلك؟!، ودون الخوض فيما قيل، والمجازفة في ترجيح رأي على آخر أرى هنا أن من الواجب ألا يعاد السيناريو على يد أحد منا بصورة أو بأخرى داخل أو خارج الأراضي الأمريكية من أجل أن يكون ذريعة للبحث عن فرصة جديدة لتحقيق أكبر قدر ممكن من التعاطف الدولي الذي يصب في النهاية في خانة المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية الأمريكية.
إن منا من تحركه العاطفة غير المنضبطة، ويدفعه الحماس، وتغريه الجموع، وتعميه الأضواء، ويصم أذنيه عن سماع الحق الضجيج و... فيبدأ يغرد ويكتب ويسجل ويرصد ويوظف الأحداث ويتابع الأفعال ليجعل من ردة الفعل خطوة في جدول الثورة المنتظر بل ربما بذل جهده ليكون الناطق الرئيس لكل صاحب حاجة ظنا منه أنه بهذه الطريقة يولد قضية مجتمعية تستحق الثورة من أجل الهدم ومن ثم التغيير في وطن أنعم الله عليه بالاستقرار والأمن والطمأنينة.
إننا بحاجة إلى عقلية الـ70% التي جعلت بارك أوباما أمام المحك الحقيقي في تحركه العسكري على أرض الشام، وهذا يعني بالضرورة أن من الواجب على المواطن السعودي وهو يمسك بجهازه الصغير، وهو يتحدث مع خاصته، وهو يكتب مقاله، وهو يلقي محاضرته أو خطبته أو أمسيته، وهو ... أن يفكر بعمق ترى ما هي المصلحة الدينية والوطنية التي ستتحقق جراء ما أكتب هذه اللحظة أو أتفوه به؟.
لا تحتقر شيئاً ولا تقدم رغباتك وهمومك وتطلعاتك الشخصية على المصلحة المجتمعية، وكن صادقاً، عالماً بما تأتي وتدع، حكيما حين تقول وتفعل، أمينا، رفيقا، محباً، مفتاح خير مغلاق فتنة وشر وهذه هي مواصفات المواطن الصالح الذي نتطلع أن نكون كلنا ذلك الرجل وتلك المرأة، وإلا سيقع -لا سمح الله- الفأس في الرأس وعندها دمتم بخير وإلى لقاء والسلام..