هذا عكاظ أعيد موسمه *** فيه الأمير وفيه السادة الصيد
كل عام نسعد بتلقي دعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، فنؤم معترك الشعراء وميدان الأقران في التنافس والتباهي بغر قصائدهم، ومعلقاتهم في ملتقى حضورهم بمواقع سوق عكاظ الأثري الواقع شمال شرقي محافظة الطائف، عبر جادته العامرة - آنذاك - بمرور قوافل المطايا، فهو الآن يتجدد عاما بعد عام بتشييد عدد من المنشآت من صالات كبرى رحبة الأرجاء، وخيام عالية العماد، مشدودة الأطناب، وبناء أسواق لعرض بعض الآثار القديمة من مصنوعات وملابس وتحف وغير ذلك مما قد خلفه الآباء والأجداد من آثار ذات قيمة عالية تشد الزائر والسائح وتذكر بأحوال من غابوا عن الوجود وباتوا صامتين تحت طيات الثرى، فكل ذلك التوسع بدعم قوي من الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين - متعه الله بالصحة التامة -، ومتابعة جادة من رئيس اللجنة الإشرافية على سوق عكاظ صاحب السمو الملكي الكريم الأمير خالد الفيصل، مع متابعة معالي الأستاذ فهد بن عبدالعزيز بن معمر محافظ منطقة الطائف على تنفيذ المشاريع التي تتعلق بسوق عكاظ والسياحة وتطوير المحافظة عموما، ومشاركة المهندس النشط محمد المخرج أمين محافظة الطائف المستمر في تنفيذ المشاريع وأعمال الصيانة والنظافة، ورصف الكثير من الطرقات والممرات مع العمل على تجميل الحدائق والمتنزهات، وغير ذلك من الأعمال الهامة تمهيدا لتكون مدينة سياحية متكاملة، فقد حظي المهندس الأمين بالشكر عبر الصحافة بصحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء 6-10-1434هـ من صاحب السمو الملكي خالد الفيصل، فهو أهل لذلك ولكل مخلص في أداء عمله..، وما من شك أن سوق عكاظ قد أصبح الآن وأمسى مقصد الزوار والسواح لما كان له من بالغ الأثر في إثراء الساحة اللغوية والشعرية معا، فالشعراء الأوائل يغرفون من مناهل وحياض اللغة الفصحى أعذب الألفاظ وأمتنها أسلوباً، فمنطقهم لا تشوبه العجمة ولا ضعف السبك، وتأليف الألفاظ الخالية من الأساليب البلاغية، وقد تركوا لمن أتى من بعدهم موروثا لغويا، وشعرا جزلا ظل خالدا على تعاقب الملوين يقتات منه كل أديب وكاتب ليعطر منه ما يكتبه نقلا واقتباسا أو نحتا من روائح معانيه ليضمنها إلى ما يهدف إليه من موضوعات...، فأقلامهم تنهل من ذلك المورد العذب على قدر القرائح والأفهام، وكان الأوائل يحرصون كل الحرص على التسابق لنيل قصب السبق في مضمار جيد الأشعار، فينصبوا خيمة للشاعر الفحل النابغة الذبياني مثلاأثناء التحكيم والمفاضلة بين فحول الشعراء، فهو حكم متفق على أمانته، ودراية بجيد الأشعار وشواردها، ففكره وذوقه صاف، (فقيمة كل أمريء ما يحسنه) ومعلوم أن محافظة الطائف بصفة عامة مجال رحب للسياحة والاستمتاع بأجوائها اللطيفة وبهوائها المعتدل العليل، وغني بالآثار الموغلة في القدم مثل مسجد عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، ومسجد الهادي، ومنارة مسجد (المدهون) العملاقة التي لم تؤثر فيها عوامل التعرية من هطول الغوادي وهوج الرياح، بل ظلت صامدة، ويوجد عدد كبير من القلاع والسدود القديمة كثيرة العدد، كما يعد قصر شبرا الشهير من معالم الطائف، وبعض القصور القديمة التي شيدت بالآجر والأحجار مثل بيت (الكاتب) الواقع غربي محراب مسجد ابن عباس وقد كتب.
-2-
فوق بابه الشرقي هذان البيتان الجميلان اللذان سبق أن نقلتهما من سجل مكتبة الأستاذ الصديق الأديب حماد بن حامد السالمي ولم يعرف لهما قائل:
قسما بمن رفع السماء بغير طي *** واختار خير الخلق من آل لؤي
لم أبنها طمع الخلود وإنما *** هي زينة الدنيا لحي بعد حي!
فعلى أي حال فإن تنوع وتعدد المواقع السياحية مما يشد السواح، ويثري مخزون الذاكرة لكل مشاهد. كما أن الاستمرار في إقامة الندوات في مهرجان سوق عكاظ ظاهرة حيوية، وفي هذا العام الندوة عن صناجة العرب (الأعشى) ميمون قيس أحد أمراء الشعر، وتعتبر إطلالة على مستويات الشعر القديم، وتأثيره في النفوس ومن جيد شعره قصيدته اللامية التي مطلعها:
ودع هريرة إن الركب مرتحل *** وهل تطيق وداعاً أيها الرجل!
وفي نهاية هذه الكلمة الوجيزة لا يسعني إلا أن أقدم شكري مقدماً نيابة عن ضيوف المهرجان لكافة المسؤولين في تنظيم مهرجان سوق عكاظ، ولجان التنسيق السياحي ممثلة في الرئيس الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي جرت العادة السنوية على تكريم الضيوف بتناول طعام الغداء في ضيافته وفي اليوم الثاني في ضيافة المحافظ معالي الأستاذ فهد بن عبدالعزيز بن معمر في مزارعه بحي الشفا، وثالثا في مرتفعات الهدا في ضيافة شركة (الطائف للاستثمار والسياحة)، كما رتب برنامج مكثف لزيارات الكثير من المواقع السياحية وبعض الأماكن الأثرية التي تقادم عهدها:
سل الأيام عن أمم تقضت *** ستخبرك المعالم والرسوم
وكل عام والجميع بخير وسعادة.
- حريملاء