في ظل تنامي المد الإعلامي العالمي ووسائل الاتصال والتقنية الحديثة ظهر على السطح ما يسمى بالصحافة الإلكترونية كظاهرة إعلامية جديدة، ارتبطت بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فأصبح المشهد الإعلامي فضاء مفتوحاً وملكاً للجميع، وفي متناول الجميع بعد أن كان مقتصراً على فئة محدودة من المتلقين والقراء، وصار المحتوى الإعلامي أكثر انتشاراً وأكثر سرعة في الوصول إلى أكبر عدد من القراء.
وإن من أهم الأمور الواجب مراعاتها في المجال الإعلامي بشكل عام والصحافة بوجه خاص هي المصداقية والالتزام بالمهنية الإعلامية، مهما كانت المغريات والمنجزات، والحرص على دقة وصحة الأخبار والمعلومات وعدم الاستعجال في النشر لأن القارئ أصبح أكثر وعياً، ولا تنطلي عليه الأخبار المكذوبة والمفبركة ما لم توثق بالشواهد والأدلة والصور، فلابد من احترام عقلية القراء في الابتعاد عن الاثارة الصحفية وسرعة نشر الخبر والفوز بالسبق الإعلامي السريع على حساب صحة ومصداقية الخبر والمعلومة، فلابد أن يكون هناك ضوابط ومعايير مهنية وثقافية رادعة لبعض الصحف الإلكترونية التي تمارس تجاوزات إعلامية، حيث لا تتحرى الدقة التامة ويغيب عنها الرقيب الإعلامي كونها تحرص على السرعة فأصبحت على المحك وتتأرجح بين الصدق والكذب، ذلك أن غالبية أخبارها وموضوعاتها بشكل عام تحاكي رغبات ومطالب فئة معينة من المتلقين يبحثون في الغالب عن الإثارة، وقد يكون بغرض التسلية ونشر أكبر عدد من التعليقات ومقاطع اليوتيوب وتداولها بينهم. واليوم ازدادت أعداد الصحف الإلكترونية بشكل لافت حتى أصبح لكل مدينة وقرية صحيفة إلكترونية خاصة بها، البعض منها نجحت وفرضت نفسها بقوة على الساحة الإعلامية، وعلى الرغم من هذا الحضور الإعلامي فإنها لا تزال أشبه بالمنتديات ولا يحكمها القانون والعمل الإعلامي، وأحياناً تغيب عنها المصداقية والمهنية نظراً لسهولة إنشائها وتحريرها، فهل تمارس الصحافة الإلكترونية دورها بكل شفافية وواقعية أم أن هدفها البحث عن الفبركة والعناوين المثيرة وتسلية القراء فقط.