لا بد أن نعترف بوجود أشخاص همهم الأول اقتناص أي فرصة لإثارة الفتن وتهييج الناس والسعي لتجييش البسطاء وأصحاب الظروف الخاصة في محاولات لزعزعة الأمن وتفريق الجماعة وضرب اللحمة الوطنية لتحقيق مآرب شخصية وحزبية.
المحرضون مثيرو الفتن منهم من يخرجون على الناس دون مواربة بأثواب الصالحين الناصحين فيدسون في رسائلهم المفخخة كل ما يرغبون تبليغه لمن يتأثر عادة بأسلوبهم المسموم، وربما يستغلون مناصبهم أو منابرهم للتهييج والإثارة باستغلالهم لأي ظرف سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي. سمعت أحدهم وهو يتحدث بحماسة مفرطة محملا الدولة بطريقة ضمنية ماكرة ما يحدث في سوريا رغم أنه حدث دولي يتحمل وزره النظام السوري ثم تراخي المجتمع الدولي. وهو يركز على هذا الحدث يغض الطرف عن ما قامت به المملكة من جهود لحل تلك الأزمة التي طال أمدها.
ومنهم من يتخفى وراء الأسماء والألقاب المستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي فيستغل أي ظرف لإثارة الفتنة وتفريق الناس بتغريدات تحمل طابع العدائية بعيدا عن النقد الموضوعي الهادف للإصلاح، وبمنأى عن مبدأ النصيحة التي حث عليها ديننا الحنيف. يشكل هؤلاء بالذات خطرا عظيما كونهم يخاطبون شريحة معظمها من الشباب الواعد، ومثل هؤلاء الشباب المتلقي عادة ما ينقصهم الوعي وتتحكم فيهم غالبا الظروف التي يعيشونها، لذلك تجدهم يبحثون عن أي شخصية حتى ولو كانت وهمية تدغدغ مشاعرهم وتلعب بخبث ومكر ودهاء على الأوتار الحساسة لديهم وتلوح لهم بالوعود البراقة والخادعة.
أغلب من يتابع هؤلاء ويتأثر بما يطرحون أصحاب ظروف متباينة حملتهم مشاكلهم الخاصة لمتابعة الوهم والزيف داخل عالم افتراضي ليس له حدود ولا تستطيع أن تميز فيه الحقيقي من المزيف والصادق من الكاذب. كل محرض داخله يمثل دور البطل المنقذ للبشرية. المتابعون منهم من يعاني ظروفا معيشية خانقة إما لأنه عاطل عن العمل أو يعيش مع أسرته على مرتب ضعيف، أو لا يملك سكنا خاصا، أو لديه إشكالية ما مع جهة حكومية أو قطاع خاص أو صاحب عمل فتولدت في دواخله عدائية تحتاج فقط لمن يزيد من وتيرتها ويخرجها من حالة السبات إلى التفاعل ثم الحراك لتمتد هذه العدائية لتصوب سهامها لكل مواطن يحب وطنه ويحرص على ثباته واستقراره ليصنف هذا أنه شيخ مداهن وذاك بأنه إعلامي مطبل، وذلك بأنه لص سارق إلى آخر القائمة الطويلة فلم يتركوا أحدا من الناجحين إلا ذموه وألصقوا به ما تيسر من التهم لخلق عدائية هوجاء لدى بعض أفراد هذا الجيل وتحويلهم إلى قنابل موقوتة داخل مجتمعهم الآمن.
أستغرب في ظل هذه الحملة المسعورة غياب دور العلماء والخطباء وأئمة المساجد في توجيه الناس وتوعيتهم بمخاطر المحرضين وموقف الدين من هذه الممارسات وخاصة أن مكر هؤلاء المحرضين ومن يثيرون الفتن في الخفاء وفي مجالسهم المغلقة قد انطلق من تحت مظلة الدين الحنيف بتفسيرات لا تستقيم مع مضمون الدين الإسلامي.
أما ظروف الناس المعيشية والحياتية والتي يتخذها كل محرض ذريعة لغرس العدائية في نفوس الناس وبالذات الصغار والمراهقين والمندفعين فأعتقد أن واجب الأجهزة الحكومية تحسين أدائها والتقليل من الأخطاء، إضافة إلى تنفيذ الأوامر الملكية الموجهة لها والمتعلقة بتحسين أوضاع المواطنين وحل مشكلاتهم لقطع الطريق على كل محرض متربص.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15