أتابع عبر (الجزيرة) بعض المحاضرات والندوات التي يقوم بها عدد من الدعاة وأقول: إن من وظائف الداعية إلى الله نشر هذا الدين بالوسائل التي تجعل الدعوة لها مردودها وأثرها على الفرد، ومن تلك الوسائل وسائل حديثة وتقليدية، فأما الحديثة فتلك التي نراها في التلفاز وعلى الانترنت وما شابهها، وأما التقليدية فما نراه في المساجد من إلقاء الكلمات والمحاضرات والندوات وغيرها، وعلى ذلك فإن من يصطفيه الله لهذا العمل الشريف لابد أن يعلم الطرق الأساسية لكي تصل رسالته بدون تشويش ولا تعطيل..!
فأولاً الحكمة: وهي القاعدة والركيزة فإن ذهبت ذهب جمال الداعية، وثانيها العلم: فالعلم يزيد الداعية تورقاً في أسلوبه فتجده يدلل للمسائل ويستشهد بالرجال الثقات، وثالثها السياسة: فهي حديثي اليوم فأعجب لمن يريد فصل السياسة عن الدين وكأنهم لم يعلموا أن هذا الدين قام على أسلوب سياسي حضاري بتخطيط علمي حكيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته كانت دعوة سرية وأقام قاعدة جوهرية سماها ابن الأرقم ليعلم الناس أمور دينهم، ومن هنا انطلقت الدعوة وسار مفعولها وحملها رجال ثقات لا زال بريقهم يصفوا في كل اتجاه..!
ولا أقصد بالسياسة هنا التدخل في شؤون الحكام والرؤساء بخلق الفتن وتصنع الفوضى، فالحكام والرؤساء لهم سياساتهم التي من خلالها يستقر الأمن ولهم عهود ومواثيق بين البلدان أقرها الشرع قديما فلا يجوز اللطش فيها والبلبلة بها ما دامت على حدود الشرع فلو كانت في غير حدود الشرع أيضاً لا يجوز التدخل فيها بالنشر والتجهير بتلك الأعمال، ولو أراد الداعية إنكار المنكر فليعلم أن من المنكر إنكاره بأنكر منه ومن أمثلة ذلك نشر المنكر في الوسائل الحديثة والتجهير بصاحبه وكأنه لا يريد أن يزيل هذا المنكر بل يريد فضح صاحبه والتشهير به والشر يعظم إن كان التشهير بالرئيس والحاكم فتقل هنا هيبته ويزيد من عصيانه وطغيانه وهذا ما نراه اليوم بل هو سبب كثيراً من تفكك الصفوف بين المسلمين، ولهذا فالحل واضح وصريح، فلكل مقام مقال كما يقال لذا فعلى الداعية تتبع الثلاث نقاط الأساسية الحكمة والعلم والسياسة، فالحكمة هي الطريقة والوسائل والعلم هو حسن القول والسياسة جمع بين الحكمة والعلم وخلطها ونثرها على طاولة المستهدف بأسلوب الأدب الحضاري وطريقة الواعظ المتأني ليكون أثرها عائماً على أفراد هذا المجتمع المحافظ.
- أمين سعود الشريف