يحدث أن تتباطأ النتائج إلى الحد الذي تظن فيه أن الوقت تجمّد.. في حين أن حماسك يسابق أنفاسك.. كأنما أوضاعك مصطفة على سطح عربة منزوعة الحواجز.. باغتتها أرض غير مستوية.. لا يسعك الوقت ولا الوضع كي تغيّر الطريق.. فإما أن تدفعها بذات السرعة وتتحمّل نتيجة الفوضى التي قد تعطب الكثير منك ومنها.. أو تلملم اندفاعك وتحتضن الهدوء رويداً رويداً.. حتى يصبح جزءاً منك.. إلى أن تصل وإن كنت متأخراً.. إلا أنك وغنائم صبرك سالمين.
فالقوة في بعض المواضع تهور ورعونة.. والشجاعة قد تغدو سوء تقدير في المواجهة لا يمكنك أن تدفع ثمنها دون أن تصبح مدين.. سبق أن قُدمت لي فكرة على هيئة نصيحة “أغلقي الملف.. وغداً فكري به” وبدوري أهديها لكم كفكرة ليس أكثر..
فأغلب القرارات الكارثية.. اتخذت تحت وطأة الضغط.. والرؤيا غائمة.. والمشاعر متداخلة.. والمعلومات ناقصة.. والفرق كبير بين التفكير بصوت مسموع.. غاضب كان أو حزين.. برفقة صديق صدوق.. وبين الإقدام على خطوة تغيّر مكانك أو اتجاهك أو وضعك.. فالفضفضة لا تعني أن تخجل من التراجع عن إمضاء انتقامك أو تهديدك لحظة كنت هائجاً شاتماً.. لذا أخرج الحمم ليتنفس البركان.. وليس ليدمر ويحرق.
ولحظة يأتيك الشريك مهشماً.. أو خائفاً.. مصاب في قلبه أو كبريائه.. فدع تعبيره يأخذه أينما شاء.. ليس الوقت مناسباً لتملي عليه سر تجاربك الخرافية.. أو تتخذ موقف القاضي.. دعه يزلزل الغضب الجاثم على عقله.. فقط أطلب منه أن يؤجل قراره.
وفي الجانب الآخر.. فإن أرخص الشركاء من يظن أن الحديث المنفلت بجنون الانفعال.. حديث حقيقي متعمد.. في حين هو مجرد ثغرة من مرجل يغلي.. على حين ثقة أخرج دخانه كي لا ينفجر أو يختنق.. ومكمن الرخص أن تحاسبه أو تنقل شيء من انفعاله للغير.
وأعقل العقلاء.. من يسقط من اعتباره أي كلمة نقلت له عن الغير.. ويشكك في العبارات الغاضبة.. بل يعتبرها هراء يتطاير دون معنى.. فأصدق الحديث ما صدر حراً.. من إنسان هادئ يقصد كل كلمة يقولها.. أما الغاضب فهو يعبِّر عن ألمه وجرحه هجوماً لا هوادة ولا عقل فيه.. والغضب عري فاضح.. يستره الأصدقاء.. ويستغله الأعداء.
amal.f33@hotmail.com