كثيراً ما يتطلع المرء في سلوك العامة عند الحوار، فيجد أن الكثيرين لا يملكون القدرة عليه, وليس لديهم مهاراته, فيدرك أنهم لم يدرَّبوا عليه منذ صغرهم,... ذلك لأن مهارات الحوار أيضاً، تخضع للتدريب, بل للتعليم.., ومن ثم تظهر عند السلوك،
وكثير من القيم ترتبط بها، أولها قيمة الحق للفرد.., والحق لغيره.., ذهب الحق في مجرى الدور في الحديث بدءاً.., أو جرى الحق في التعبير عن الرأي الخاص، أو حتى في عدم الإيثار للذات عند الحوار، ومنح الآخر فرصة التعبير أيضاً,..
وللحوار من الصفات, والأسلوب, والطريقة ما يلعب دوراً ذا بال في التأثير, والتعبير, عن الأفكار والآراء, بل في إظهار الحقائق ونقل المعلومات, لذا من اللائق به، أن تعنى مدارس التعليم, وأساليب التنشئة، وميادين التفاعل الاجتماعي بأن يجعل في كل جهة مسؤولية منها دوراً لأن يتدرب الإنسان الفرد الواحد في الجماعة, على الطريقة الصحيحة, والقيمة الفعلية، والأخلاق القويمة، والأساليب السليمة للحوار, حين يكون مدار التدريب على هذا فيها بين اثنين و أكثر...
إن الآراء لا تتضح، ولا تؤثّر الأقوال, ولا تؤخذ الأفكار, دون أن يكون المتحدثون، والمنصتون على وعي بدورهم في الحوار, بل بهيئة أصواتهم, وحركاتهم, وتعبيرهم، جنباً مع مضمون ما يقولون...
إن إطلاق الحرية للفرد عند الحوار ليتحوّل إلى ساحة عراك بالأصوات، وباتجاهات الأيدي، وبحركات الوجوه.. ليس دليلاً على عناية التنشئة، والتعليم, والتربية, للكثير الكثير من القيم، والمبادئ في أخلاق الحوار...., بل هو شهادة على التفريط، والتساهل في أهم ما يميز المرء عن سواه..
إذ إن معرفة أصول، وأخلاق الحوار, وتمثّلها في سلوك المرء, يؤكّد ضوابط ذلك، ويعزِّز مداركه، ويشير لوعيه.
وهذه الحقيقة غائبة في البيت، والدراسة..,
لذا هي غائبة في الشارع، والمدرسة، وبيئة العمل, وعلى المنابر, ومجالس الرأي...!!
مع أن كل فرد يعتقد أنه يحاور بوعي, ويعبّر بوضوح, وأن صوته الوحيد غير النشاز في حلبة صراع الأصوات..!!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855