ما هو الشيء الذي ستراه في أكثر البيوت والمطاعم والمقاهي والشركات والجامعات حول العالم؟
قد تستغرب من السؤال لأول وهلة، وربما يتبادر إلى ذهنك تساؤل: وما هو الرابط بين هذه الأشياء؟ لكن هناك شيء صار جزءًا لا يتجزّأ من حياة الناس اليومية في العشرات من الأمم حتى لا يفارق أماكن السكن والعمل والدراسة، وأضحى الناس لا يتخيلون أن يقضوا يوماً بدونه، فهل خمّنتموه؟ إنه الشاي!
الشاي أكثر مشروب شعبية في العالم بعد الماء، ويشربه كل يوم مئات الملايين من الناس حول مختلف أنحاء العالم وصار له طقوسه وآنيته الخاصة، ففي إيرلندا يشرب الناس الشاي هناك بشكلٍ كثيف وذلك بمعدَّل 4 أكواب يومياً للشخص، والكثير هناك يشربون 6 يومياً فما فوق، لا يفوقهم عالمياً في كثرة شرب الشاي إلا الأتراك الذين يشربون شاياً يحضِّرونه ليكون قوي النكهة، وحتى دول مثل روسيا وألمانيا وفرنسا ينتشر في بعض مناطقها شرب الشاي. بعض الشعوب مثل التايلانديين يصنعون شاياً مُركَّزاً ويضيفون له اليانسون وبعض الأصباغ الحمراء والصفراء إضافة لعدة توابل أخرى ويسكبون عليه الحليب المكثَّف ويُحلّونه بالسكر، وأهل التبت يضيفون له الملح والزبدة والحليب ليصنعوا مشروباً فريداً غريباً اسمه بو تشا، وشعوب أخرى مثل أهل فيتنام يقدمونه صافياً مُرّاً بلا أي إضافات على الإطلاق.
أما الطقوس فإن شعوب شرق آسيا تُعظِّم الشاي وتفخر بجَعْله جزءًا أساسياً من الضيافة والإفطار والسَّمَر، فاليابانيون مثلاً يخصّصونه للمناسبات الخاصة والضيوف المهمّين وتحديداً الشاي الأخضر، وإذا سافر الياباني فإنه يعود مُحمّلاً بالحلويات التي لا يتناولها زملاء العمل إلا مع الشاي، وفي المطاعم اليابانية يقدَّم الشاي مجاناً مع تعبئات غير محدودة ليتلذذ الزبون برَشفِه مع السوشي (أرز مطبوخ مع الخل) والساشيمي (لحم أو سمك نيء) وغيرها من الأطباق اليابانية الشهيرة، أما في بورما فإنهم يحبون الشاي لدرجة أنهم لا يكتفون بِشُربِه فقط بل يأكلونه! البورميون لديهم أكلة اسمها لاهبت، فيُخمّرون أوراق الشاي ويأكلونها، ولهذا الطبق منزلة خاصة في المجتمع البورمي.
وكما هو معروف فإن أسرع طريقة لصنع الشاي هي باستخدام أكياس الشاي وهي من أكثر الوسائل انتشاراً، لكن الغريب أن كيس الشاي اختُرِع بالمصادفة، فكان الشاي في السابق يوضع في حاويات حديدية صغيرة ذات شكل دائري تُغمَس في الشاي وتُخرَج بعد فترة معينة (وبعض هذه الأدوات لا زالت تُستَخدم إلى اليوم). وفي عام 1908م كان توماس سوليفان – وهو من تُجّار الشاي في نيو يورك- قد أرسل عينات من بضاعته إلى بعض زبائنه، ووضع هذه العيّنات في أكياس حريرية صغيرة كان القصد منها إفراغها في مثل تلك الحاويات والغامِسات، ولم يفهم بعض الزبائن الغرض من هذه الأكياس وظنوا أنها مثل تلك الغامسات المعروفة، فأخذ الزبون تلك الكيسة الناعمة وغمسها كلها في الشاي، ولاقت هذه الفكرة استحسان الزبائن لسهولتها، وقدّموا اقتراحات أخرى لتوماس لتحسين الفكرة وهكذا ظهر كيس الشاي: بالصدفة.
وإذا كان هذا الكلام أثار شهية القارئ الكريم لكوبٍ من الشاي فهذا لا بأس به، فالشاي مادة نباتية نافعة بإذن الله وخاصة الشاي الأخضر ذو المنافع الكبيرة الكثيرة، واحرص على شربه بدون سكّر إن استطعت لأن السكر الأبيض شديد الضرر.
Twitter: @i_alammar