- ابتداع وظيفة «المرشد» المعصوم قائداً عاماً للجماعة؛ يقول فيسمع قوله، ويأمر فينفذ أمره، وتؤخذ البيعة له من المنتمين إلى الجماعة «الأعضاء العاملين» إما حضورا مباشرا أو بالإنابة، والمبايع المانح ولاءه للجماعة لا يعصي لها أمرا، ولا يسأل لم وكيف ؟ فعليه التنفيذ الفوري لصالح الجماعة دون تردد، ولو أعلن عصيانه؛ فإن أحكاما قاسية مدونة في قوانين العقوبات تنتظره؛ أقلها الطرد من رحمة الجماعة إن كان ذنبه يسيرا، وربما بالغت بعض الفرق المتخرجة من فكر الجماعة كـ»القاعدة» فأوقعت عقوبة الإعدام على من تتهمه بالخيانة حتى لو كان طفلا صغيرا كما فعل أيمن الظواهري مع أحد أبناء أعضاء القاعدة حين أفشى سرا من غير قصد وبطفولية بريئة وكان عمره لا يتجاوز الخامسة عشرة؛ فأمر الظواهري أباه بتطبيق عقوبة الإعدام على ابنه، كما أورد وقائع تلك القصة المأساوية أحد القريبين من فكر الجماعة الإسلامية منتصر الزيات في كتابه «أيمن الظواهري كما عرفته» ط1 2001م .
وغير خاف عنا وجوه الشبه الكبيرة الواسعة في هيكل تنظيم الجماعة بينها وبين فكر الخميني ؛ أو أن المؤسس حسن البنا قد وظف مفهوم المرجعية الشيعية «ولاية الفقيه» في هيكل بناء الجماعة، ولا مشاحة في من أفاد من الثاني ؛ فالمرشد الأعلى للثورة الخمينية هو المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين ؛ وولاية الفقيه عند الخمينية هو أيضا ولاية الفقيه المرشد عند الجماعة ؛ وإن لم يكن هذا المرشد فقيها أو عالم دين، فقد يكون مهندسا أو طبيبا أو سواهما؛ ولكن موقعه القيادي في سدة إدارة الجماعة كمرشد أعلى يمنحه الحصانة التي تمنحها ولاية الفقيه للمرشد الأعلى عند الشيعة!
وما دمنا في سياق النظر إلى هيكل بناء تنظيم الجماعة ؛ فإن ثمة تشابها أيضا في التأسيس والسرية والتصاعد الهرمي إلى الأعلى مع الهيكل الماسوني؛ فإذا كانت الجماعة تعتمد على الزخم الجماهيري وتنطلق من القاعدة الشعبية الكبيرة الواسعة؛ فإنها تضيق دائرة بعد دائرة إلى أن تصل إلى مجلس الشورى المكون من ثلاثين عضوا، ثم إلى مجلس الإرشاد المكون من ثلاثة عشر عضوا عدا المرشد العام؛ فالدائرة الصغيرة تبدأ من الشعبة في المنطقة لتنتهي إلى القطر ثم إلى مكاتب الأقطار في العالم التي يديرها التنظيم الدولي للإخوان، ثم تعود كلها في النهاية إلى مجلسي الشورى والإرشاد .
- تهيئ التفسيرات والاجتهادات الفردية بعض أتباع الجماعة لمزيد من التشدد عند حدوث الأزمات أو وقوع اضطهاد سياسي ؛ فتنشق من الجماعة الأم جماعات أخرى صغيرة وليدة ليست إخوانية خالصة؛ لكنها تدين بالولاء في نشأتها وتربيتها إلى محاضن الجماعة ومخادعها الفكرية الأولى، وإذا كان فكر سيد قطب قابلا للتأويل ولإيقاعه في أتون التكفير في مفهومي الجاهلية والحاكمية أو نفيه عنه عند إحسان الظن بتفسير متسامح بعيد ؛ فإن من تلاميذ الجماعة وممن تخرج من عباءتها الكثيرون الذين لا يتورعون أبدا عن إطلاق أحكامهم، ولا يترددون في العمل الثوري العنفي لإعلان الحرب على الكفار المسلمين ممن لم يذهبوا إلى ما ذهبوا إليه؛ كجماعة التكفير والهجرة السابقة الذكر ومنظرها شكري مصطفى، والجماعة الإسلامية، وجماعة الجهاد،وجماعة القاعدة وغيرها، وهذا مبحث طويل عريض قد يكون من العسير ابتساره في كلمات؛ وأجد أن من الخير الإشارة إلى بعض مظانه، ومنها كتابان على جانب كبير من الأهمية للدكتور عبد العظيم رمضان؛ هما: جماعات التكفير في مصر الأصول التاريخية والفكرية، والإخوان المسلمون والتنظيم السري.
- تجيز الجماعة استخدام الوسائل كافة لتحقيق مشروعها؛ فتتبع البراجماتية وتتكيف مع العواصف العاتية المفاجئة وتلاين السلطات السياسية حين لا تجد لها فرصة واضحة في العمل، وتلتحم مع من لا تتفق معه في الاتجاه والغايات في سبيل تحقيق الغايات البعيدة كما يذكر ذلك الصاوي في الثوابت والمتغيرات.
moh.alowain@gmail.commALowein@