بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تأسيس شركة مدينة المعرفة الاقتصاديَّة وممارسة نشاطاتها التجاريَّة، يلفت نظرنا عند مراجعة أداء الشركة وإعلاناتها الرسمية أن كل ما تَمَّ إنجازه حتَّى الآن فيما يتعلّق بالصناعة المعرفية هو إنشاء معهد صغير للقيادة والريادة كما ورد في التقرير السنوي للشركة
أما ما يتعلّق بالمنطقة التعليميَّة والمدارس النموذجية للبنين والبنات والجامعة الأهلية ذات المستوى العالي فلم ينجز منها شيء حتَّى الآن ويبدو أنّه لم يبدأ العمل بها من الأساس على الرغم من أنها أهداف رئيسة يجب إنجازها خلال المرحلة الأولى من إستراتيجية الشركة.
أما ما يتعلّق بديوان المعرفة ومتحف دار المدينة للتراث الحضاري والعمراني (وهي منجزات يجب تنفيذها ضمن المرحلة الأولى أيضًا) فإدارة الشركة مع الأسف الشديد تستخدم أسلوب الوعود والأحلام البراقة عند الحديث عنها في التقرير السنوي بشكل لا يختلف كثيرًا عمَّا تضمنته نشرة الإصدار عام 2010م، وما يؤكد هذا أن جميع إعلانات الشركة على موقع تداول الرسمي (ومنذ إدراج الشركة في السوق المالية) لم يتَضمَّن إعلانًا واحدًا يتحدث عن أيّ إنجاز يتعلّق بالصناعة المعرفية التي تستمد منها الشركة اسمها، التي تمثِّل أهم نشاطاتها التشغيلية وتأسست من أجلها.
المضحك أنَّه بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تأسيس الشركة، نجد أن أهم منجزاتها تركزت في توقيع اتفاقيات متنوعة لبيع أراضٍ (وأرجو أن تركزوا في كلمة بيع أراضٍ) حتَّى أصبح نشاط بيع الأراضي يشكل أكثر من 92 بالمئة من إيرادات الشركة في الوقت الراهن، كما تَضمَّن بذلك التقرير السنوي للشركة، وهنا يحق لنا أن نتساءل: إذا كان النشاط الرئيس بيع أراضٍ، فلماذا تأسست الشركة إذن؟ ولماذا سُمِّيت بالمعرفة؟ بل أين هذه المعرفة؟ وطالما أن أراضي الشركة هي في الأساس مساهمة عينية من أحد المؤسسين، ألم يكن من الأولى بيع الأراضي دون الحاجة لتأسيس الشركة طالما أن الهدف الأساسي هو بيع أراضٍ؟
حقيقة، كنت أتوقع أن تدخل الشركة في شراكات إستراتيجية مع أطراف أخرى لتنفيذ مشروعات عقارية تحت إشرافها المباشر، لكن أن تركز على بيع الأراضي فقط فهذا بالتأكيد أمرٌ غير مقبول خصوصًا أن النتائج المحققة تشير إلى ارتفاع مهول في أسعار العقارات في المدينة المنورة مما فاقم من قدرة المواطنين هناك على تملك المساكن، إضافة إلى توجيه البوصلة العقارية إلى الشمال الشرقي من المدينة الذي لا يصلح جغرافيًا للتوسع بسبب الحواجز الطبيعيَّة المتمثلة بالحرات وهو أمر استفاد منه العقاريون أكثر من المواطنين مع الأسف الشديد، أما «الصناعة والمعرفة» فيبدو لي حتَّى الآن أنها أضحوكة وأرجو أن أكون مخطئًا في ذلك.
twitter@mfalomran