حزنت وتألمت كثيراً حين أخبرت بوفاة الشيخ عبدالملك بن دهيش - رحمه الله رحمة الأبرار - وكانت تعزيتي لأخيه الدكتور عبداللطيف بن دهيش مليئة بالأسى والتأثر، ولعل أكبر ما نسلي به أنفسنا في مثل هذه المصائب التي تمر بنا بين آونة وأخرى هو إيماننا المطلق بأن الموت حق وأنه سنة من سنن الله في خلقه.
ولقد كنت مع الفقيد في مدينة (بشتاني) في سلوفاكيا منذ شهرين حيث حضر للعلاج وكان في وضع صحي حرج، ومع هذا فقد كنا نسكن في فندق واحد، وفي طابق واحد ونلتقي ظهر كل يوم في قاعة الفندق، وكان لطيفاً في تعامله مؤثراً بعلمه وأسأله عما حققه من كتب التراث أو ألفه من الكتب، وهي مراجع مفيدة لكل طالب علم ومن بينها كتاب أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، وجامع المسانيد والسنن الهادي شرح الزركشي ومعرفة أولي النهى وشرح المنتهى ووظائف شهر رمضان والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، وأخبار مكة، وتحصيل المرام في أخبار البيت الحرام، ومكة والحرم وإضاءة الأنام بذكر بلد الله الحرام - والحرم المكي الشريف والإعلام المحيطة به، وغير ذلك مما سألته عنه، وكذلك التدريس في المسجد الحرام في عهد الملك عبدالعزيز حيث أني أحضر بحثاً حول هذا الموضوع، وقد جعلته أحد مصادر البحث لقد كنا نتجاذب أطراف الحديث في قاعة الفندق عن التراث وعلماء الحرمين وسيرة والده الشيخ عبدالله بن دهيش وقضايا علمية وتربوية حيث تولى العديد من المناصب في التدريس والمحاكم وشؤون الحرمين كما كان رئيساً لتعليم البنات.
إن ما حققه الشيخ من كتب التراث وغيرها ذات قيمة علمية ومراجع لطلاب العلم ولقد حدثني عن مكتبته الزاخرة بنفائس الكتب والمخطوطات وأرجو أن تبقى بعده عامرة ومفتوحة لطلاب العلم لتظل بإذن الله صدقة جارية مع تحقيق ما فيها من مخطوطات وطباعتها لتكون امتداداً لسيرة ومسيرة الفقيد رحم الله الفقيد ولقد قيل:
والموت نقاد على كفه
جواهر يختار منها الجياد
عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون- وعضو الجمعية العلمية للغة العربية