قبل أن تدخل علينا «ظاهرة الاحتراف الكروي» كنا أبطال آسيا ثلاث مرات وتأهلنا إلى أولمبياد «لونس أنجلوس» في الولايات المتحدة الأمريكية، وتأهلنا إلى كأس العالم أربع مرات متتالية في انجاز غير مسبوق في العالم العربي، وكنا نردد مع المطرب الشعبي - غفر الله له - سلامة العبدالله أبيات شعرية وطنية تهز الوجدان وتقشعر لها الأبدان حباً من أجل الوطن فعندما يقول:
الوطن غالي علينا يا شباب المنتخب
كلكم منا وفينا لا لا يضيع التعب
وآخر من أبناء الوطن المخلصين يردد بمناسبة وطنية أخرى:
علو الراية السعودية على سطح القمر
شايل الكلمة الإلهي يالتوحيد البشر
ماذا يعني بهذه الأبيات برغم بساطتها وعذوبة كلماتها التي تحمل عمق معناها تعني لنا الكثير إنه «حب الوطن» إنه التراب الطاهر الذي هو عشق كل مواطن غيور مخلص.. وعندما دخلنا عالم الاحتراف «ضاعت الإنجازات الواحدة تلو الأخرى» بسبب الفلسفة المطبقة عندنا في اللوائح الاحترافية والأنظمة من جهة وعدم وجود الإدارة القيادية الفاعلة عملاً وقولاً، تطبيقاً ومنهجاً في بعض الأندية التي من أولى واجبها الوطنية «غرس حب الوطن والمحافظة على منجزاته الماضية والتنافس على المنجزات المستقبلية» فلهثت وراء الماديات وضمنت حقوق اللاعب مادياً ومستقبلياً من أجل البقاء في النادي الرياضي لأطول فترة ممكنة وتناست الأهم وهو حقوق الوطن العظيم الذي ضمن للجميع الأمن والأمان.
حقيقة ما جعل هذه العبارات والذكريات تجول في خاطري ويتفق صداها كتابة في هذه الصفحة هو تلك الخنجر التي غرسها بعض من أبناء الوطن من مسئولي ناديين رياضيين سعوديين اعتراضا على مشاركة بعض من لاعبيهم في البطولة الاسلامية لكرة القدم في «إندونيسيا» للفترة من 19 -30 سبتمبر 2013م هي صدمة للوسط الرياضي كيف يعترض «ابن الوطن على مشاركة لاعبيه ضمن القائمة الوطنية للاعبين من مختلف الأندية الرياضية التي رحبت بالمشاركة في هذه المناسبة الكروية الإسلامية ووطنا هو منبع الإسلام ومهبط الوحي وتتجه الأفئدة والقلوب إلى حيث «مكة المكرمة» قبلة المسلمين: هل هذا القصد منه إحراج مسؤولي الوطن وعلى رأسها القيادية الرياضية وسعادة رئيس إتحاد كرة القدم الأستاذ أحمد عيد الحربي، بدعوى غلفها الاعتذار هو ان المشاركة الوطنية - وأضع تحت الوطنية ألف خط وخط «غير خاضعة أو معترف بها من الفيفا» وأن حاجتهم في النادي أهم من المشاركة الوطنية؟ أي فيفا «يأبن الوطن» تقف في وجه مشاركة اللاعبين في مهمته الوطنية، هل تملي «الفيفا» الوطنية علينا معنى الوطنية، أليس من المخجل أن يصدر خطاب اعتذار عن المشاركة في مهمة الوطن من «ابن الوطن» هل يصل الأمر إلى أن يقايض الوطن «بتعليمات الفيفا» خاصة وأن الفيفا لم تمنع المشاركة ولكن النفوس والأهواء والرغبات هي التي تحاول أن تلوي ذراع الوطنية. لماذا الأندية الأخرى شارك لاعبوها في هذه الدورة ولما يعتذر ناديان فقط من أندية الوطن عن عدم مشاركة لاعبيه وأعتقد أن من هذا أسلوبه سيهدد «بسلاح الفيفا» لو أجبر على المشاركة؟ لأن من لا يندى جبينه خجلاً من هذا التصريح ومن لا يحترم مشاركة وطنه في مناسبته الرياضية والإسلامية على - غرار الدول المشاركة والتي تطبق الاحتراف - ليس بغريب عليه أن يعمل ما يشاء..
هل يهدد الواجب الوطني بهذه الطريقة أيها المسؤول يا ابن الوطن، فمن يدعي أنه مواطن وله حقوق وطنية متكاملة لو نقص منها شيء أقام الدينا ولم يقعدها، فليخلص لوطنه وإلا لا تتشدقوا بالوطنية والوطن.
رغم أنف كل متلون سيبقى الوطن شامخاً عزيزاً كريماً، وسوف يشارك إن شاء الله، وأطالب بأن يضع حداً لمثل هذه التصرفات غير مقبولة خلقاً وواجباً ونظاماً والمهمة الوطنية فوق أي اعتبار بغض النظر عن لوائح وأنظمة «الفيفا» فلم يخالف المسؤولون اللوائح لأن الفيفا لا تتهاون في لوائحها، ولكن ان تقحم اللوائح والتعليمات في أمور فيها متسع من الحرية في التصرف الإداري هو من وجهة نظري «تجرد من الوطنية» للمصلحة الذاتية «، فلماذا الأندية الرياضية السعودية الأخرى التي اختير لاعبوها شاركت بشبابها هذه المهمة وهم راجعون من مهمة وطنية اخرى مثل (شباب ذلك الناديين)، ولماذا لم تعترض على المشاركة بالدعوى نفسها، قليلاً من الوعي المغيب قسراً وقليلاً من الواقعية من أجل الوطن كل شيء فداء للوطن وسمعته ومهمته الوطنية. ولا يلوى ذراع الوطن مرة مقايضة بأخطاء وقعت من حكام كرة القدم الوطنيين بنتائج غير مقبولة - حسب رؤيتهم الضيقة - في مباريات الدور الأول، والثاني لانه لو كان حكماً أجنبياً لغابت هذه التصريحات. من المعيب أن يكون سلاحنا في وجه مشاركتنا الرياضية الوطنية «تعليمات الفيفا».
المقايضة في واجب الوطن «سلوك مشين» وتصرف أرعن، نحتاج من الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى مراجعة شاملة بخطة تذكير من خلال محاضرات وواجبات الاهتمام بالوطن ومشاركته الوطنية ودورها الفاعل في رفع اسم الوطن والمحافظة عليه وان تقدم دورات تثقيفية وطنية إلزامية بمشاركة الجهات المعنية تبرز مهام اللاعبين وطنياً في مجال المشاركة في المناسبات الوطنية، أما المشاركة في هذه المناسبة الإسلامية فقد يكون بعض من اللاعبين المشاركين في الناديين المذكورين ليسا لاعبين «محترفين» مما ينتفي تطبيق لوائح وأنظمة الفيفا - التي يتذرع بها المسؤول - من جهة والزام الناديين باسم الوطن بمشاركة لاعبيهم المحترفين في هذه المهمة الوطنية حتى لا تجهض المشاركة الوطنية ونحن أولى من يساهم بتطويرها لأنها مشاركة «إسلامية».
حفظ الله الوطن ورفع رايته عالية، ووفق شبابه لكل خير.
محمد بن غازي العنزي