لا تزال العراق تئن من انهيار أركانها, وتصدع صدور أبنائها, من موتها وشتاتها, من فرقتها، وضياعها...

لم تحقق فيها القوى العالمية ما قالت فقيل, وما تغنّوا به وباء بالفشل...!

ولا تزال دول الربيع في المغرب تئن.., وكل يوم يكتشف لها جرح ضليع..,

وسوريا التي دمّرها من فيها، خاصّتها، وعامّتها, كبيرها، ودخيلها، على وشك أن تتلقّى صفعة مدوِّية تقضي على ما بقى من الرّفات..

وقبلاً، لا تزال فلسطين بين المخالب، والمغالب..

ومصر تحت وفوق المقاصل..!

وليبيا في مهبّاتها..!

وإلى أين، ومتى, سؤالان غسلتا الوقائع, والقرائن, والتوقُّعات، والحال، جسّدهما بماء نار هذا الشر المستحكم، والمستطير, المندلع بقوة في الواقع..

ربما ينبغي أن تُسمّى هذه المرحلة في تاريخ الأُمّة العربية, بمرحلة النّكوس، والفناء.. بل التخلُّف ..!

فالأجساد التي تدب على أرضها طمست القنابل، والمدافع، والصواريخ، والأنقاض، والحرائق، والموت، والفقد، والإفلاس في نفوسها الإحساس بالفرق بين الحياة، والموت، وبين الفضيلة, والرّذيلة، وبين الصّواب, والخطأ..

وأحرقها الإنسان الظاهر باختلافه, وتناقضه, وغير الظاهر بخططه، ولعبته..!

وفي مثل هذه الكوارث الإنسانية، والأخلاقية تتساوى المعاني.. ويُفقد الإحساس بها...

ترى ما الذي ستنشأ عليه أجيال ما بعد..؟

ما أنواع الأمراض التي ستفتك بها ..؟ أجساداً، ونفوساً، وأفكاراً، ومشاعر..؟

نكبة تعيشها مجتمعات الدول العربية الواقعة تحت هيمنة الآلة القاتلة, والمنقضّة، والمدمِّرة..

إذ ليس ما فوق الأرض من مقدرات وحده المتضرّر, بل البشر، الذين قدِّر لهم أن يكونوا حصاد هذه الحرب البئيسة..

وستعمل المطابع بأنواعها على هدير جديد لملاحقة الأمراض الناجمة عنها إن قدّر أن يعود بشكل وبآخر لها شيء من الهدوء, بالنجاة..

وستظهر نوعية جديدة من المتكسّبين جرّاء هذه الحروب، ودعاة تخليص الناس من الأمراض، والآثار, وترميم المهدر من البناء, والمنشآت..

فلكلِّ حرب بوائقها، وحسرات تولِّدها لا تندمل آثارها البتة.....!