* لا يختلف اثنان على أن ظاهرة التستر في السوق السعودي أصبحت مقلقة ومؤثرة على إتاحة الفرص للشباب الذي يواجه منافسة شرسة في قطاعات تجارية وخدمية عدة, ولأن التستر لم يعد مجرد عامل يملك محلاً باسم سعودي, بل أصبح أكثر ضرراً من خلال تشكيل «لوبيات» من جنسيات معينة تحتكر أنشطة محددة وتحارب كل من يقترب منها.

* يحكي أحد الشباب أنه اشترى بقالة صغيرة في أحد الأحياء، ولاحظ أن الموزعين يتجاهلون المرور على بقالته ويزودون البقالات التي في نفس الشارع والتي يديرها وافدون من بني جلدتهم, الأمر الذي أضعف بقالته حتى اضطر لبيعها والخروج من النشاط.

* ومن القصص أيضاً أن مصنعاً للخرسانة يقع على أطراف العاصمة كان محل اشتباه بانه يدار بطريقة التستر، وحينما حضر المراقب وقد اصطفت سيارات فارهة أمام إدارة المصنع تعود لعدد من الوافدين الذين يديرون المصنع، وحين طلب منهم الاتصال على صاحب المصنع، واذ بسيارة صغيرة قديمة تدلف من باب المصنع وبها عدد من الشباب، واذ بأحدهم يتقدم معرفاً بنفسه أنه صاحب المصنع، وحين سئل عن أمور مالية وإدارية لم يكن لديه أي معلومات، واعترف ان مدير المصنع الوافد رجل طيب دائماً ما يسدد عنه المخالفات المرورية!.

هذه صورة من صور التستر الذي يستغل بها الشباب السعودي، فهذا الشاب كان يرى أن مجرد تسديد المخالفات المرورية كفيل أن يوقع للوافد كل ما يريد من أوراق، رغم أنه لا يحصل إلا على قليل من الفتات.

* لدينا نظام مكافحة التستر ولائحته التنفيذية الصادرة منذ ثماني سنوات شملت على العديد من الأنشطة التي يحظر على السعودي تمكين الوافد من الاستثمار بها وممارستها عن طريق استعمال اسم السعودي أو ترخيصه أو سجله التجاري، وهذه المحظورات تمارس عياناً بياناً وبدون مواربة، وتكتسح قطاعات مهمة وكبيرة، ومع كل هذا الوضوح إلا أن إجراءات مواجهتها ومكافحتها لاتزال دون المستوى، ولا ترتقي لأهمية معالجة هذه الظاهرة الخطيرة.

* وزارة التجارة والصناعة هي الجهة المعنية بتطبيق نظام مكافحة التستر وإن كنا في عقود مضت لا نعول عليها , إلا أنها اليوم باتت أكثر حيوية ونشاطاً ووزيرها الدكتور توفيق أعاد الأمل لهذه الوزارة , الأمر الذي يجعلنا نطالب معاليه بأن يفتح ملف التستر وأن يغير هذا الواقع المؤلم, لاسيما ان السوق السعودي بعد حملات وزارة العمل أصبح أكثر تقبلاً لأي قرارات مهما كانت آثارها إذا ما كانت تستهدف الصالح الوطني وتفسح المجال لأبناء الوطن بالاستفادة الحقيقية من الفرص الذهبية التي يزخر بها السوق ، فهل تعلنها وزارة التجارة حملة منظمة ضد استغلال السعوديين؟ هذا ما نتمناه.