(1)
الأخطاء الرخيصة هي الأخطاء اليومية (العامة) وهي عادةً ما تكون في حق الجميع. من استحق ومن لم يستحق، كالشتيمة التي اعتدت أن تسمعها ولا تؤثر بك ولا تتأثر أنت بزجها ولا ينتظر أحد منك أن تعتذر حيالها!
أما الأخطاء الضميرية فهي الأخطاء (النادرة) التي لا تغفرها لنا أنفسنا؛ وإن كانت في حق من يستحقها بعد استنفاد كل الاحتياطي من الهُدَن. فالألم هنا ليس لأننا نستطيع إيلام الآخر وبالتالي نشعر بألم الضمير، لا! الألم هنا لأننا لم نعتدْ ذلك.
(2)
ما زلتُ أحلمُ بأدب يصيبني بدهشة سائح أوروبي في سوق شرقية! وثقافة تعكسنا كما نحن تماماً. من الأحداث الكبرى إلى التفاصيل اليومية الصغيرة، دون اهتزازات حضارية أو توافد قيمي باهت. طالما أننا لم نعترف بركائز الفنون الأخرى التي ترفد الأدب أو تعكسه، وبقينا نتعارك حول القصيدة والراوية!
أفتقدُ الآن كثيراً (القصيدة القضية) المحشوة بالأوطان والتواريخ، والمدن، والهزائم والانتصارات، ومشابك الشَّعْر، والخيل، والشوارع، والفضاءات، والنساء، والقدّاحات، والعقل، والجنون والكثير من الشِّعْر دون أن تشعرني أنها تقصد ذلك! أو الرواية المُنصفة التي لا تسرد التاريخ ولا تبتذل الواقع الذي لم يسْبر كما يجب. والواقع أعني به (كل ما يقتضيه) لا قضية اجتماعية وفقط، تُنْفَخ بعنوان (ساذَج)!!
لا أريدُ لنا أن نمارس الكتابة الضفدعية المتخبطة، ولا العنكبوتية بلا هُوية، ولا أن نتشبث بسلحفائيتنا، ولا أن نُطبِّل كثيراً لما يشوهنا أمام أنفسنا ثم أمام الآخر الذي نغبطه دائماً ونتلقف بضاعته (المهترئة أحياناً) رؤية وترجمة. فقط لأنها من هناك!
(3)
ثمة أسئلة وخطابات (صغيرة) تتدافعُ بوعي جيد الآن، بحاجة إلى ثقافة من نوع خام لامتصاصها وفهم قراءتها على النحو الذي يرادف موقعها وما تنضوي إليه. خطاب الصورة الفوتوغرافية، خطاب التغريدة والقهوة التي يغرق بها (Twitter) كل صباح من أرجاء الدنيا، خطاب الكلمات والمصطلحات الجديدة التي نستخدمها في مراسلاتنا اليومية، خطاب الأيقونة أو الرمز في تطبيقات هواتفنا وأجهزتنا الذكية. وحتى خطاب ما يعرف بـ (العربيزي) وتحولاته ونشأته. الكثير من هذه الخطابات أو البدائل الصغيرة وإن تماهت معنا تماماً إلا أنها تحتاج منا رعاية أعمق في الفهم والتلقي ومحاولة الوصول معها إلى تقاطع منصف وفهم قريب ومتجدد.
(4)
نحتاج للتحديث كثيراً هذه الأيام! ليس تحديث بيانات شخصية في دائرة ما هذه المرة، وإنما تحديث للمعتقدات والأفكار غير المُفَعلة والرؤى المنسوخة بالطريقة ذاتها. والكثير من الوقت المُرَاكَم كحيّز احتياط. نحتاج إلى هذا التحديث للنهوض نحو الأبيض والخير والجمال، فهو لن يكلف كثيراً سوى الإيمان به. ثم تنفيذه بآلية الأولى فالأولى وبشأن كل شاذة وفاذة لنشعر بالنظافة الفكرية والانتعاش؛ لأن التحديث دائماً وكما في التطبيقات الحاسوبية يحمل مزايا جيدة في كل إصدار كما أن ثمة تحديثا مجانيا لها!
لنُحَدِّث أفكارنا ونتحدث إليها في كل حين!