* كانت إحدى الساحرات «التلفزيونيات»كلما فقدت أثر أحدٍ أو شيءٍ ما مدّت الخريطة ولوّحت فوقها بقلادة فينجذب حجر القلادة على موقع ذاك الأحد / الشيء بكل بساطة..
* في كل يومٍ نمارس طقساً مشابهاً، نمدّ خرائطنا بحثاً عن وطن.. لا.. ليس وطناً، نعرف جميعاً أنه هناك ينتظر ! إذن فلنقل بحثاً عن أرضٍ لا يتعيّن علينا فيها أن نتوحّش ولا أن يرعبنا «شبح الاعتقال» بناءً على جواز السفر ! تحكي الجارة لأمي أنها تصاممت عن شتيمةٍ ما، وعن خطابٍ بغيضٍ تفوح منه رائحة الكراهية النتنة، لأنه لا ملاذَ آخر !!
* فجأةً، تقلّصت الكرة الأرضية لتصبحَ بحجم بذرة ليمونٍ أو تفاحٍ، ليس فيها سوى المرارة..وصارت الخرائط -كما هي دوماً بالنسبة لي- بلا معنى، ما مدى أن يكون كرهي للجغرافيا وجهلي المتفوّق فيها وما أعانيه الآن مجرد مصادفةٍ، لقد وجدت فرصتها للانتقام مني، تلك الخرائط التي كانت تثير حنق المدرس فيلسعني بسياط تعليقاته على البحر الأحمر «ذي القرنين»!
* ربما لم تنته رحلتي «الكونية» عند حدود الكنانةِ، ما زال هناك بحارٌ وقفارٌ لم أقطعها بوصفي «سندبادة» هذا العصر، لم يحن الوقت لألقي عصاي بعد، تلك التي ما عدتُ أملك غيرها أهشّ بها على خراف الحلم، وليس لي فيها مآرب أخرى!
*هل يمكن لخلطاتِ الكيميائيين أن تصنع وطناً؟ لا أريده من ذهب ! ربما لو كنتُ محلّ «ميداس»، سأختار «اللامساس» ليكونَ الوطن المنتظرُ حقيقياً، حسنٌ أعلم أني لستُ خارقةً إلى حد أن أجعل منه حليةً صفراء فاقعاً لونها تسرّ الناظرين!
* قد يظن «المارق» على طواحين الانتظار أني لستُ إلا نائحة، ولكن ليس بي رغبةٌ أن أتحوّل إلى «زامر الحي» -دعك الآن من كونه يطرب أو لا يطرب فذاك شأنٌ آخرُ تماماً -كما أني على النقيض ربما لستُ أنتحل صفة الفارس ولا أرغب أن يتحول به المسار فجأةً عن «كفاحه» ليصيرَ مجرد مغنٍ جوّال يغني رثائياتٍ عن «الأيام الخوالي»!
* ما الذي يجمع بين الفارس والمغني الجوال أو زامر الحي و... بيني؟! خليطٌ عجيبٌ أو ربما مضحكٌ، ولكنه «ضحكٌ كالبكا»، أظن أنه من الممكن إضافة «ميداس» و»السامري» إلى هذا الفريق، كلنا نسعى خلف شيءٍ مفقود -إلى أجلٍ مسمّى أو غير مسمّى- وكلنا ملاحقون بشكلٍ أو بآخر بلعنةٍ ما وننتظر جديداً تحت الشمسِ!
- «كلّ قلوب الناس جنسيتي...
فلتسقطوا عني جوازَ السفر َ»
محمود درويش
العنوان هو مطلع قصيدة « ماذا يحدث لحلمٍ مؤجل»؟ للشاعر الأمريكي لانجستون هيوز.