قرأت لمتخصص في الجينات الوراثية قوله: في بعض الأحيان قد تتغير الشفرة الوراثية المسجلة بحمض DNA في جين معين تسمى طفرة وراثية أو التحول الوراثي، وقد تمثل تغيراً كبيراً في قاعدة نووية واحدة، وقد تكون لها نتائج مفيدة تسمح بالتأقلم مع التغيرات التي تطرأ على البيئة من حولنا، غير أن الطفرة الضارة على العامل الوراثي قد تعطي تعليمات مختلفة تماماً لخلية ما، فينتج عن هذا عدم تصنيع أحد البروتينات بالقدر الكافي، أو تصنيع البروتين الخطأ، أو حدوث أي خطأ أخر، ومثل هذه التغيرات ‏التي قد تبدو تافهة، قد تتسبب في حدوث أمراض خطيرة مثل (أنيميا الخلية المنجلية)، ولاحظت انه يقول ان التغيرات التي تبدو تافهة قد تسبب امراً خطيراً.

ومن التأملات والمتابعة لمجريات الاحداث المرورية التي تتم في شوارعنا بصفة عامة تتكون لديّ قناعات بأن ثمّة خللاً جينياً قد أحاق ببعض السلالات التي قد فهمت معنى قيادة السيارة بالخطأ، فعلى ما يبدو من خلال استرجاع ذاكرة الزمن لبدايات وصول السيارات لبلاد العرب وكيف تعامل البعض منهم مع هذا القادم الجديد الغريب، وكيف نسجوا الأقاويل والحكايات والروايات الخيالية حوله حتى تشبّع كثير من السذج بها، تماماً كما تتشبع سلالاتهم الآن بكثير من الاشاعات الباهتة الواهنة، اذا اعدنا قراءة تلك المواقف القديمة تجاه السيارة، وصور العنتريات التي يتقمصها من يجيد القيادة آنذاك مظهراً للعامة والبسطاء أنه يقوم بعمل خارق ومرهق ولا يستطيع أياً كان ان يقوم به ويتقنه سواه من الخارقين، حتى اكتشف المجتمع زيف هذا الادعاء ووجدوا ان قيادة السيارة لا تختلف عن التعامل مع أي آلة أخرى بشرط التعرف على كينونتها واصول قيادتها والقوانين والضوابط المنظمة لها، هذا باختصار ما نقله ورواه من عايشوا تلك المرحلة في قصصهم.

ولو عدنا إلى قول عالم الجينات فيمكن وضع احتمالات ان الجينات التي طرأ عليها التطور في مرحلة عنتريات بعض سائقي السيارات حينها كان تطوراً للأسوأ، بدليل ما تفعله بعض من سلالات القوم ممن لم يدركوا بعد أن الزمن تغير والانظمة تتجدد للأفضل، وان السيارات والطرق قد طرأ عليها تطور في جيناتها للأحسن بعكس ما انتابهم في مسألة القيادة، وانه لابد من مواكبة هذا التطور قولاً وعملاً فلا يكفي تنميق العبارات وانتقاء الجمل في المجالس واللقاءات الرسمية تجاه الشأن المروري، فإذا اعتلونا صهوات سياراتنا عدنا لممارسة العنتريات ذاتها وكأننا في بدايات قدوم السيارات لديارنا العامرة بإذن الله.

وكمثال على تأثر جينات البعض بتلك التغيرات ان وسائل اعلامية قد اوردت مؤخراً اخباراً تفيد ان مواطنين سعوديين يرتكبون مخالفات مرورية في بلاد الغربة (غير متأثرين بما حولهم من انظمة وجزاءات)، فقد نقلت (سبق) عن صحيفة (بيلد أم زونتاغ) الالمانية ان احصائيات الشرطة تبين ان سعوديين رسميين في برلين هم اكثر الاجانب ارتكاباً للمخالفات المرورية، واورد المصدر ذاته ان محكمة استرالية أصدرت مؤخراً حكماً بمنع شاب سعودي من القيادة لمدة 18 شهراً وسحب رخصته خلال هذه الفترة وغرامة مالية قدرها ألف دولار، بسبب القيادة بسرعة عالية على طريق دائري.