تناول العديد من الكتاب والاقتصاديين في (الجزيرة) موضوع إنشاء الجمعيات التعاونية مؤكدين أهمية إنشائها كمحرك مضاف للاقتصاد الوطني، وكذلك ما تم تناقله عن عزم وزارتي التجارة والخدمة الاجتماعية كجهتي اختصاص إجراء دراسات حول جدوى إنشاء هذه الجمعيات. غير أن أي شيء لم يتحقق على أرض الواقع. ويبدو أن الشروع بتأسيس الجمعيات التعاونية يحتاج إلى تحرك جاد من قبل مؤسسات الدولة المعنية. ولا أرى أن ما يتم نشره وتناقله من المثبطات كمحدودية الخبرة والتمويل وغيرها سوف يكون لها تأثير في حال قامت إحدى هاتين المؤسستين بجدية تطبيق هذا المطلب الملح، خصوصاً في ظل وجود التجارب السابقة للدول المجاورة كدولة الكويت (سوف أتطرق لهذه التجربة كمثال حي).
ارتبطت الحركة التعاونية باسم الناشط الاجتماعي الويلزي (روبيرت إوين) (1771-1858) ويعد رائداً في تأسيس أول جمعية تجارية.
ويقصد بالجمعية التعاونية: كل جمعية ينشئها أشخاص طبيعيون أو اعتباريون، طبقاً للأحكام والقوانين التي يتم وضعها لتنظيم عمل هذه الجمعيات، وتهدف إلى الارتفاع بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والحد من تضخم أسعار السلع وتوفير أنواع السلع الاستهلاكية بأسلوب المبادئ التعاونية. كما أن الجمعيات التعاونية مؤسسات غير ربحية يجب أن تكون موجهة لتوفير سلة من السلع الاستهلاكية بعكس المراكز التجارية.
كما أن إنشاء جمعيات تعاونية سيسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني ويضيف قوى جديدة محركة للطلب الكلي على السلع والخدمات، ويعزز استقرار الأسعار ويحد من تضخمها. بالإضافة إلى كونه عاملاً فاعلاً في تثبيت الاستقرار الاجتماعي.
رؤية:
أرى أنه بدل أن يتم إنشاء ساحات على شكل حدائق داخل الأحياء في مدينة الرياض (على سبيل المثال) (يقتصر ارتياده على نسبة ضئيلة جداً من الشباب العزاب) بالإمكان استغلال هذه المساحات وإنشاء مبنى لجمعية تعاونية في كل حي تتولى الدولة إنشاء المباني الخاصة بها على جزء من هذه الساحات واستغلال الأجزاء المحيطة بها (كممشى لمن يحتج بأنه الهدف من إنشاء هذه الحدائق) والجمعيات التعاونية، على مختلف أنشطتها، يمكن أن تدخل السوق كأي شركة أو منشأة للقطاع الخاص غير مرتبطة بالحكومة، أو تشارك الدولة فيها بنسبة تأسيس (ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة) ويتم طرحها للاكتتاب العام.
ومن الفوائد التي سوف تتحقق جراء إنشاء مثل هذه الجمعيات:
* منح المواطنين بطاقات تعاونية تمكنهم من الحصول على أسعار مناسبة والحصول على الدعم المباشر للسلع.
* يتم توفير فرص عمل لأبناء الحي (شباب وفتيات) من خلال خلق فرص عمل داخل هذه الجمعيات وأقسامها.
* حصول المساهمين من المواطنين على دخل سنوي من أرباح هذه الجمعيات.
كما أن للجمعيات التعاونية منافع اجتماعية إضافة إلى كونها شركات تسويق
* نوة لعمل مؤسسي ممنهج لمؤسسات المجتمع المدني.
* تصرف منتسبيها إلى الاهتمام بشؤونها في خدمتهم وتوفير حاجاتهم وتوثيق روابطهم.
وتعد تجربة دولة الكويت في تأسيس وتطوير عمل الجمعيات التعاونية من بين أنجح التجارب العربية والدولية، (والتي يبلغ عدد سكانها تقريباً 3.807.000 نسمة ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية (63) جمعية منها (55) جمعية تعاونية استهلاكية طبقاً لمعلومات التقرير السنوي لاتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، أي بواقع جمعية تعاونية لكل 69 ألف نسمة. ويبلغ عدد الأعضاء المساهمين في الجمعيات التعاونية حتى أكتوبر لسنة 2007 عدد (362061) عضواً أو نحو 9.5% من مجموع السكان وبلغت قيمة رأس المال (38.762.575 د. ك). وبلغ إجمالي مبيعات الجمعيات التعاونية في عام 2000 ما قيمته 338 مليون دينار كويتي (نحو 1.1 مليار دولار أمريكي)، وبذلك تعد أكبر منافذ بيع على الإطلاق، وذلك يعطيها قوة تفاوضية عالية مقابل موزعي الجملة. وحققت تلك الجمعيات مجتمعة صافي أرباح بلغت نحو 22.8 مليون دينار كويتي من عام 2000 أي ما نسبته نحو 6.8% من جملة مبيعاتها وهو هامش ربح معقول.
ونتيجة طبيعة ملكيتها التعاونية تمول تلك الجمعيات أنشطة اجتماعية بلغت تكاليفها في عام 2000 نحو 4.96 مليون دينار كويتي، منها 37.5% معونات اجتماعية، ونحو 22.3% أنشطة تعليمية، و9.4% ترفيهية ونحو 5% صحية).
(تقرير الشال)
ختاماً:
الجمعيات التعاونية مطلب وطني ملح للحد من الجشع والتضخم الكبير في أسعار السلع الاستهلاكية.
- فالح العطاوي