|
قبل أعوام وفي بداية انطلاقة الفنون التشكيلية المحلية كان هم المبدعين وشغلهم الشاغل ان يضعوا موقع قدم لإبداعاتهم في مجتمعهم. وكانت نظرتهم لا تتعدى حدود جمهورهم المحلي دون النظر إلى كيفية تجاوز حدود الوطن الجغرافية إلى مواقع فنية أخرى، حيث كان حمل مهمة هذا الحضور وقفا على بعض من هم خارجه من الدارسين في الاكاديميات الفنية في ايطاليا وفرنسا ومع ما تبع ذلك من بعثات الى دول اخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا التحرك المحلي لم يكن محققا للحلم الكبير للأجيال الشابة التي فتحت لها آفاق التواصل الثقافي وحضور المناسبات الفنية العالمية التي اتاحت لهم الانطلاق بما ينافس من سبقوهم فيه فكان لهذا الجيل حقه وكان له التقدير من الكثر من المتابعين والنقاد والاقبال من قاعات العرض العالمية لابداع ابناء الوطن، وكان لي كثير من الحوارات مع فنانين ونقاد عالميين خلال دورات معرض ارت دبي ومعرض ارت ابو ظبي اثنوا واشادوا بالنقلة السريعة للفن السعودي وبما تحمله ابداعاتهم من حداثة ومعاصرة تحمل روح ورائحة هويتهم الثقافية.
واليوم ورغم مرور فترة طويلة على مشاركة الفنان ابراهيم ابو راس في العديد من المناسبات الفنية المحلية والعربية إلا أن ما قدمه من عمل يعد الابرز من بين الكثير من الأعمال المماثلة التي قدمها نخبة من التشكيليين الشباب في وطننا الحبيب، وذلك لبقاء الفكرة في اذهان كل من شاهده او قرأ عنه، ذلك هو العمل الذي لامس مشاعر كل العرب والمسمى بالـ(الجدار العازل) خلال مشاركته به مع صالة اثر في مهرجان (أرتيسيما) العالمي للفنون بمدينة تورينو الإيطالية.
العمل يتكون من 67 شفرة لمشارط الورق مثبتة على قاعدة من الرخام الصناعي على امتداد لا يزيد عن 150 سم. شكل في مجمله صورة مصغرة للجدار العازل الحقيقي الذي بنته اسرائيل عام 2000م، كان الشكل بحق مثيرا للمشاعر حيث يبرز كيف يراه الفنان جارحا مدميا لكل جزء يلامسه، وكأني به رسالة إلى الضمير العربي، ملمحا بما تحمله تلك الشفرات من حدة إلى الألم الذي يعتصر من أصبحوا خلفه.
لم يتوقف الفنان إبراهيم ابو راس عند الشكل بل أضاف له رمزا للبحث عن سبل تجاوزه ونقله للصورة التي تمثل طفلة تحلق فوق الجدار ببالونات لعل وعسى.
يأتي التذكير بهذا العمل تجاوبا مع رغبات كثيرة من اصدقاء من خارج الوطن أتلقى رسائلهم على الايميل أو صفحة الفيس بوك تسأل وتستوضح وتبث مشاعر الإعجاب بهذا العمل.