تصدرت قضية التحكيم المشهد الكروي السعودي مبكرًا هذه المرة.. وتَمَّ تناولها إعلاميًّا وجماهيريًّا بسخونة لا تقل عن تناولها في نهايات الموسم أو خلال فترات إقامة المباريات الكبيرة والحساسة..
* إشكالية التحكيم المزمنة لن تحل وستبقى عالقة.. لأن كل طرف غالبًا يتناولها بشكل مختلف ومن خلال رؤية خاصة به فيما يعتقد أنّه يدر على فريقه أكبر مكسب..
* هذه الأطراف ليست مشكلتهم التحكيم بشكل مباشر.. ولو أدّعو ذلك.. هؤلاء مشكلتهم بالهلال.. وكيفية إيقاف الهلال وزرع العراقيل والمعوقات أمامه.. وتحريض الحكام للتصدي له.. وكأن الحكام بحاجة إلى وصاية وتعليمات!..
* الفوز الدرامي للهلال على الاتفاق.. عقب مباراة ساخنة من ناحية القرارات التحكيمية.. وما حدث فيها من لقطات مثيرة وأجواء معكرة ونفوس مشحونة وشد وجذب وكذب.. قدَّموا الهلال كالعادة ضحية وقربان فداء.
* ولكن عندما تهدأ النفوس وتحلل الحالات التحكيمية بموضوعية ودقة وتروي.. تخرج الحقيقة التي يكرهها الكثيرون.. المحلل التحكيمي محمد فودة.. عندما حلل القرارات والحالات محل الجدل.. اتضح أن الهلال الأكثر تضررًا من قرارات الحكم.. وأهمها إلغاء هدف صحيح وحرمانه من ركلة جزاء.. فكانت المفاجأة التي رفضها الكثيرون.
* تحليل الفودة لم يقنع المحتقنين.. لأن هدفهم ليس الحق والحقيقة.. بل التشكيك بفوز الهلال..حتى إن بعض الاتحاديين قبلوا كلام الفودة أن فريقهم تضرر تحكيميًّا أمام الصاعد العروبة.. ولم يقبلوا تحليله لمباراة الهلال والاتفاق.. الأهلاويون قبلوا كلام الفودة إلا ركلة جزاء على فريقهم أمام النصر ولم يقبلوا تحليله لحالات الهلال والاتفاق..
* أكثر من ذلك.. من يتضرر تحكيميًّا في أيّ مباراة.. يضع الهلال الشماعة بالرغم من أن لا ناقة له ولا جمل بالمباراة.. ولكنها العقدة من الزعامة والناجحين؟
* ويثبت ذلك ما حدث من رد فعل عقب مباراتي الاتحاد والعروبة والنصر والأهلي.. فالاتحاديون والنصراويون إعلامًا ومشجِّعين وجهوا سهامهم نحو الهلال!!.. وهذا يؤكد ما قلته آنفًا وفي العنوان.. أن الهدف ليس إصلاح التحكيم بل رأس الهلال..
(حائط مبكى)
هذه الجزئية بالرغم من أنَّها مكملة لموضوعنا السابق.. لكن قرَّرت وضعها في فقرة خاصة لأنّها أتت من مسؤول رسمي في نادٍ.. لتعلموا أن المشكلة أحيانًا في العقلية الإدارية وطريقة تفكيرها..
* فقد قرأت تصريحًا في إحدى الصحف لإداري اتفاقي مغمور لأول مرة اسمع به.. كان غاضبًا بعد مباراة الهلال وقال في تصريحه: (لنا ثلاث ركلات جزاء أمام الرائد لم يحتسبها الحكم.. ولكن صمتنا وقلنا سيتعدل الوضع أمام الهلال)..
* إذن إداري الاتفاق كان يبحث عن التعويض أمام الهلال، فكالعادة فريقه يتلقى الصفعات من فرق مكافحة ومحدودة الإمكانات المادِّية.. وقد يظلم من الحكام أمام الفرق الأخرى.. لكن يصمت ويكبح احتقانه وغيظه وينتظر مباراة الهلال لينفجر و(يفضفض)..
* وليس هذا جديدًا بالحالة الاتفاقية.. فأذكر رئيس النادي.. صرح بمثل هذا.. حيث تعرضوا لظلم تحكيمي في مباريات سابقة من دون رد فعل أو احتجاج..، ثمَّ ظهر ليهاجم الحكام في مباراة الهلال.. وكأنهم وضعوا الهلال (حائط مبكى).. يظلمون أمام الفرق الأخرى ويريدون الهلال يدفع الثمن.
وتفسيري لهذا الحالة العجيبة التي تتلبس بعض الأندية خصوصًا الصَّغيرة والمتوسطة..
إن الاتفاقيين يعلمون أن الإعلام لن يمنحهم أيّ اهتمام ولن يتلفت لهم عندما يصرِّحون في غير مباريات الهلال.. ولكنه سيدعمهم ويمنحهم المساحات ويحرك جيوشه الجرارة ويسخر البرامج والصفحات ويكون لهم ظهيرًا في تصريحاتهم ضد الهلال..
* أيْضًا من الأسباب.. (وهو عكس ما يشاع في العلن).. لديهم اعتقاد أن الحكام يتجرأون على الهلال أكثر من أيّ نادٍ آخر.. لذا يدخلون مباراة الهلال وينتظرون هدية أو هدايا لتعويض ما خسره تحكيميًّا أمام فرق أخرى حسب ادعائه.
* أيْضًا من أسباب تصريحاتهم في مباريات الهلال فقط.. شعورهم أن الهلال جدار قصير.. يمكن أن تهاجمه وتنال منه.. وتعود سليمًا وملابسك نظيفة.. لأن إدارته مسالمة ولن ترد أو تجادل.. بعكس إدارة فرق أخرى.. سينالهم العقاب سريعًا وفي المنصة.. ولن يتعاطف معهم أحد..
* أيْضًا سبب آخر.. وإن كنت لا ألوم الاتفاق فهي قناعة كل الفرق.. فنقاط الهلال مختلفة والفوز عليه شيء آخر.. وبطولة من لا بطولة له.. وسيكون لهزيمة الهلال صدى إعلاميٌّ كبيرٌ ستقتات منه الإدارة لأشهر.. لذا هو كأي فريق آخر.. يحشد الاتفاق كامل قواه لهذه المباراة.. ويقدم مستويات لو قدمها في كلِّ مباريات لنافس وبقوة على اللقب.. وتأتي الخسارة كخيبة كبيرة.. فتكون (الطقة) بالحكم..
ولكن بعد مباريات الهلال يعود الفريق وينحدر مستواه ليتلقي الصفعات واللطمات من فرق أصغر منه تاريخيًّا وتجربة بكثير.. فقد انتهى الحافز والتحفيز والتجييش والتأجيج بنهاية مباراة الهلال.. انتظارًا لمباراة الهلال القادمة..
صب الزيت على النار
كان من ضمن التنظيمات أو الترتيبات لمعالجة مشكلة التحكيم والتخفيف من الاحتقان والشحن الجماهيري.. التي أتفق عليها في الموسم المنصرم.. أو الذي قبله..
* أن يبتعد مراسلو القناة الرياضيَّة عن إثارة قضية التحكيم ومستوى الحكم بعد المباريات مع الإداريين واللاعبين عقب نهاية المباراة.. خصوصًا أن هؤلاء يكونوا عادة منفعلين ومشحونين لو كانت النتيجة في غير صالحهم..
* لكن في مباريات الهلال كل شيء يكسر والتَّعليمات تنسى.. والميول والتعصب يطغى.. فمراسل القناة هو من فتح موضوع التحكيم مع إداري الاتفاق وشجعه.. وهو من أوعز له بتقديم خطاب (شكوى).. ولو انتظر المراسل قليلاً.. لطلب من الإداري تقديم خطاب (شكر) للجنة الحكام..
* لذا على لجنة الانضباط إذا أرادت موسمًا هادئًا صافيًّا وتخفف من المشاحنات والنيل من الحكام وتدعم التحكيم المحلي.. عليها توجيه إنذار للمسؤول بالقناة الرياضيَّة.. ومن بعدها تطبيق الغرامات الكبيرة عليها..
* هذا في حال تجاوزت القناة التَّعليمات وكانت (سببًا) في الهجوم الفضائي على الحكم.. أو حرّضت عليه بشكل واضح عقب المباريات.. أما إن حاورت شخصًا وتحدث تلقائيًّا عن التحكيم فهذه مسألة أخرى..
* وإن كان المطلوب أن يتدخل المراسل ويخفف من غلواء الهجوم على الحكام ويصرف الموضوع إلى جوانب أخرى.. فالشكوى على الحكام لها طرق نظامية أخرى.. أو حتَّى من خلال الصحف أو حتَّى قنوات تجاريَّة أخرى.. ولكن ليس من خلال القناة الحكوميَّة الرسمية..
حسابي في (تويتر).. @salehhenaky