اطلعت بالعدد 14954 بالصفحة الثقافية على قراءة ثرية للكاتب الأديب محمد عبدالرزاق القشعمي تحت عنوان (سعودي ولكن لقيط) وهو عنوان كتاب صدر عن دار مدارك 2012 لكاتبه سمير محمد، وقد أشار الناشر إلى أن «اسم المؤلف اسم مستعار، وليس حقيقياً، ولكن أحداث القصة كلها حقيقية، والمؤلف نفسه هو صاحب القصة»، وقد تنقل بنا الكاتب القشمعي في تلك القراءة بين صفحات ذلك الكتاب وقد لمست من تلك الأحداث التي كتبها سمير محمد مدى المعاناة التي يمر بها كل لقيط غير أن منهم من تبتسم له الدنيا ويكون أفضل بكثير من مؤلف الكتاب، فاللقطاء واللقيطات لاشك أن لهم معاناة كبيرة جدا، فهم يعانون الجفاف العاطفي والنكران، ويعاقبون من قبل كثير من الناس بذنب لم يرتكبوه كما أنهم يعانون من الضغوط النفسية ما يعانون، وهذا كله يولد لدى كثير منهم حقداً على المجتمع مما يجعلهم لقمة سائغة لمن أراد أن يستغلهم في فساد أو مخدرات أو سرقات أو نحو ذلك، غير أن للدول في زماننا هذا عملاً مؤسسياً لرعاية هذه الفئة والمملكة أولتهم رعاية متميزة، فقد تكون الدولة الوحيدة التي تمنحهم جنسيتها ولهم مثل ما لغيرهم كما أن المملكة تطلق عليهم مسمى ذوي الظروف الخاصة، وهذه بلاشك خطوة مشكورة تجنبهم ذلك المسمى الذي يؤذيهم، غير أن هذا لا يكفي؛ فلابد للمجتمع أن يعي دوره في كيفية التعامل مع هذه الفئة التي لا ذنب لها فيما هي فيه، وخصوصا أن تعاليم ديننا الحنيف حضت على ذلك، فقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والافتاء ما يلي: «إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب، لعدم معرفة قريب يلجؤون إليه عند الضرورة، وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب، فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا» رواه البخاري.أهـ.
وتفهم حال ذوي الظروف الخاصة في مجتمعنا في الغالب أنه تفهم موجود ومن ذلك ينطلق التعامل معهم فكم سمعنا وشاهدنا منهم ومنهن من تربوا في أحضان أسر بديلة حتى أتموا تعليمهم ومن ثم تزويجهم وتوظيفهم، وهذه الأسر البديلة ترعاهم وتحنوا عليهم.
أشكر الأستاذ الأديب محمد عبدالرزاق القشعمي على حسن صياغته لهذه الرحلة الماتعة التي أبحر بنا بها عبر قراءته لكتاب (سعودي ولكن لقيط) للكاتب الذي رمز لاسمه بـ»سمير محمد».
- أحمد بن محمد الجردان