أنصحكم أن تبتعدوا عن الأخبار، وتخلصوا آذانكم من الضجيج..، وتلجأوا للقراءة.. للتأمل في صفحة السماء.. والتعمق في التفكير بتربة الأرض... هذا وقت أن تفزعوا لأنفسكم من غثاء البشر...

* * *

أنصحكم أن تغسلوا كلماتكم بماء نقي ، ولا تلقوها على طاولات انفض من فوق مقاعدها الثرثارون...، وأن تختاروا لها أطباقا من أعشاب الصحراء التي تقلكم..، وتحيطوها بشموع من أغصان أشجارها...

* * *

أنصحكم ألا تحرموا أقدامكم ملمس التراب الذي تحتها..، وأن تطلقوها بعيدا عن ملمس الزفت الممتد في الطرقات، وأن تغمسوها بعد مشيكم في ماء من أمطار السماء التي تغطيكم...

* * *

أنصحكم أن تتفقدوا قريبا نسيتموه في معمعة واقع، ووالدين قصرتم معهما بانشغالكم بسفر مارق، وأبناء استيقظوا على جدلكم، وناموا مرتبكين من غموضكم...

* * *

أنصحكم أن تبحثوا عن أنفسكم حتى تجدوها، قد فقدتموها عندما تنكبتم في مداخل، أو تزاحمتم لمكاسب، أو ضاعت منكم في تيه دواليب تلف بكم...

* * *

أنصحكم أن تبسطوا كل ليلة صفحات نهاركم، وأن تعدوا كل صباح دفاتر ملاحظاتكم...

* * *

أنصحكم أن لا تحرموا وجدانكم من فطرته..، ولا إحساسكم من يقظته..

* * *

فليس للمرء غير ذاته كي يخلصها، يغسلها، ويطهرها، يكسيها، ويسترها..

هو وحده من يعرفها إن شاء أن يعرفها،.. يراها ولا يعمى عنها..

وحده من يجدها حيث زجها..، أو تركها..، حيث سيَّرها..، أو أوقفها..، أعطاها...!

* * *

وقد نصحت نفسي قبلاً بهذا.. بعد أن أنهكني الضجيج البشري المتفاقم...!!