يلتزم المقاول التابع لأحد الشركات أو المؤسسات بالمشروعات التي يوقع على تنفيذها بموجب مواصفات ومقاييس مع الدولة وفي نفس الوقت تقدم له الدولة ممثلة في الجهة التي تقوم بتنفيذ المشروع الدفعات المتفق عليها حسب الموعد والانتهاء من التنفيذ لكل جزئية من المشروع والمقاول الذي يوقع على العقد لديه من الإمكانات والمؤهلات ما يجعل الجهة التي تطرح المشروع متأكدة من قدرته على التنفيذ والقيام بالمشروع على أكمل وجه بموجب ما تم الاتفاق عليه من قبل الطرفين.
ولكن الذي يحدث بعد ذلك أن هذا المقاول يقسم المشروع إلى عدة أقسام ويعطي كل قسم لمقاول من الباطن أو يسند عملية التنفيذ إلى مقاول واحد وهؤلاء المقاولون من الباطن ليست لديهم نفس مستويات التنفيذ التي لدى المقاول الأصلي، وقد تقل إمكاناتهم من حيث القدرة الهندسية والمعدات والأجهزة والمعدات.
من أجل ذلك تخفق المشروعات وتتعثر وقد تسقط أجزاء منها فكم قرأنا وسمعنا من سقوط جسراً أو سور مبنى حكومي تحت التنفيذ أو يتم تنفيذها على غير المتفق عليه أو على مستوى غير مرضي وربما يعطيها المقاول من الباطن لمقاول آخر من الباطن بعد أن يفشل في تنفيذها وطبعاً بعد أن يأخذ حصته من العملية.
إنها دائرة من عدم الالتزام والفساد وتقوم الهيئة العامة للفساد «نزاهة» بدورها في هذه الدائرة المشبوهة بفضح التعثر وعدم التنفيذ أو سوء التنفيذ بموجب ما تم الاتفاق عليه من مواصفات ومقاييس هندسية أو التأخر في مدة التنفيذ لسنة أو سنتين وبهذا يتعطل المشروع وخاصة الطرق والمباني المدرسية والصحية، وقد لاحظت هيئة مكافحة الفساد على أرض الواقع هذا القصور والفساد في أغلب مناطق المملكة أثناء جولات موظفي فروعها في هذه المناطق، وهذا ما جعل قائد مسيرتنا ورجل التنمية الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يوافق على إنشاء هذه الهيئة من أجل المحافظة على أموال الدولة وعدم صرفها إلا بالطرق المشروعة والمخصصة لتنمية البلد والمجتمع من أجل أن يرفل المواطن بكل وسائل التنمية الدينية والصحية والتعليمية والطرق والمواصلات.
إذاً، لماذا لا ينظر في منع المقاول من الباطن ويلتزم المقاول الأصلي بعمل وتنفيذ ما هو متفق عليه معه من أعمال بدون أن يرسيها على مقاول آخر وآخر من الباطن وتظل المشروعات تخفق وتتعثر ويسقط جزء منها أو تسلم على مستوى غير المستوى المتفق عليه مع المقاول الأصلي ومن ثم تتضح وتبين العيوب فيما بعد.
إن المقاول الذي يرسى عليه العطاء له مواصفات ومقاييس معينة ارتضتها الجهة التي أرست عليه العطاء وتعلم أن لديه قدرات معينة على مستوى المناقصة التي تم إرساؤها عليه ثم تفاجأ بأن المشروع قد تعثر ومضت نصف المدة ولم يتم ما اتفق عليه من تنفيذ فتضطر الجهة المعنية أن توافق على إسناد المشروع لمقاول آخر لتنفيذ المشروع المتعثر.
وأحياناً منذ البداية وبعد توقيع العقد أيضاً يدعي المقاول الأصلي أنه قد حدثت ظروف معينة تستدعي إحضار مقاول من الباطن وبالطبع بعد أن يكون استلم الدفعة الأولى.
إن المواصفات والمقاييس ومدة العقد ومستوى التنفيذ كل ذلك معرض للخطر عند تسليم المشروعات من قبل المقاول الأصلي للمقاولين من الباطن وهؤلاء في الغالب يكونون من المقيمين بأسماء مؤسسات أو شركات سعودية وليسوا من أبناء الوطن.
وقد يكون المقاول من الباطن هو صاحب فكرة اختيار المشروع من الأصل ولكن لقلة إمكاناته، كما ذكرنا يطلب من مقاول آخر أكثر وأكبر إمكانيات أن يدخل في هذا المشروع أو ذاك لكي يحصل على العقد ويأخذ حصته ويترك له المشروع.
إنه نداء للهيئة العامة للفساد (نزاهة) بأن تعمل في النظر على إنهاء هذا الوضع الذي ينم عن الفساد في أسوأ صورة بالاتفاق مع وزارة المالية لوضع تصور يجعل المؤسسة أو الشركة التي يرسى عليها أي مشروع أن تقوم بالتنفيذ بنفسها لضمان الجودة وعدم تعطل المشاريع، كما هو حاصل الآن والله من وراء القصد.
- عضو هيئة الصحفيين السعوديين