فقدت الصحافة السعودية عَلماً من أعلامها، إنه الشاعر والكاتب سليمان بن فليح العنزي الذي توفي قبل أيام في العاصمة الأردنية عمان، وكان خبر وفاته قد آلم الجميع لما عرف عن هذا الرجل من خصال جميلة، وجمعه محبة كل من عرفه ولو كان مختلفاً معه في وجهات النظر، كنت ما أحرص عليه وأنا أقرأ كل يوم صحيفتنا العريقة الجزيرة هو قراءة زاويته هذرلوجيا، تلك الزاوية التي نجد فيها عبق الماضي، وكما ذكر الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الصحيفة في مقاله الذي عنونه (وفاة الزميل الفليح ذاكرة وذكرى)، حيث تحدث بإسهاب عن الراحل وقال عن كتابات الراحل إنه يشم فيها رائحة إباء وشموخ الآباء والأجداد واستخدامه للكلمات المهجورة وغير المستخدمة في نثره وشعره.
وهنا أذكر قصة حدثت في منطقة تبوك تدل على الكرم وقد صغتها كمادة خبرية وأرسلتها للصحيفة ونشرت في الصفحة الأخيرة في صحيفة الجزيرة، وكان ذلك قبل أربعة أعوام وكان عنوان الخبر (رجل يولم لضيفه في منتصف الطريق)، وبعد نشر الخبر تناقلته وسائل إعلامية مختلفة وصحف إلكترونية وكتب الراحل سليمان الفليح في زاويته هذرلوجيا مقالاً تحدث عن الخبر وأبدى عتبه على برنامج صباح السعودية الذي تطرق مقدموه إلى الخبر واستغرابهم لهذه القصة، وهذا الكرم ليدافع أبو سامي -رحمه الله- عن قصة الخبر ومعرفته بكرم البادية وسكان شمال المملكة، وإن هذا الأمر طبيعي لديهم وسرد قصة زيارته لمنطقة الجوف بدعوة رسمية في ناديها الأدبي عندما طلب منهم أحد الأشخاص أن يزوروه في منزله ليولم لهم، فاعتذروا كون لديهم رحلة للرياض الساعة العاشرة صباحاً، فقال لهم بإلحاح (تتقهووا) عندي الصباح قبل الرحلة فوافقوا على أن يشربوا فنجال قهوة لديه وعند الصباح وجدوا أن الرجل أولم لهم بذبيحتين في اندهاش من رفيقيه لهذا الكرم.
أسأل الله أن يرحم الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
- مدير مكتب صحيفة الجزيرة بمنطقة تبوك