|
بقلم - دوغ ساندهايم:
يُعتبر تحديد الإستراتيجيّة عملاً راقياً، وهو من الإجراءات النظيفة والمتطوّرة التي تقضي بجمع البيانات وتحليلها، إلى جانب توليد الأفكار، وتحديد توجّهات ذكية للمستقبل. أمّا التنفيذ، فشبيه بحقل الألغام، حيث إنّ منطق النظافة والرقي السائد عند تحديد الإستراتيجية يصبح قذراً على أرض الواقع، إذ تتضارب جداول الأعمال، وتتصادم الأولويات، وتبقى القرارات عالقة، وينقطع التواصل، وتنهار الجداول الزمنية. ولا يكون السؤال المطروح أبداً على صلة بما إذا كانت هذه المشاكل ستحصل، بل حول موعد حصولها ومداها.
وتتطلّب إدارة هذه التحدّيات عقلانيّةً وقوة، مع الإشارة إلى أن أفضل خبراء الإستراتيجيات والمنفّذين لا يرون عمليّة تسليم تتم بين تحديد الإستراتيجية وتنفيذها، بل يرون أن العنصرين يكمّلان بعضهما البعض.
* ويرى أفضل خبراء الاستراتيجيات أنه:
* في حال تعذّر عليّ أن أرى وأن أخبر بما سيُنجِح هذه الإستراتيجيّة، فمن المحتمل ألاّ تكون ناجحة». يعرف خبراء الاستراتيجيات الأذكياء أنّ النواقص والفجوات والتحدّيات كثيرة في الإستراتيجيات التي وضعوها. وعندما يكتشفون مشاكل، يشكّلون فريق عمل مع المنفّذين ويتخطّونها.
* «مع أنّ دمج التخطيط لعمليّة التنفيذي بتحديد الإستراتيجيّة أمر مؤلم، سيؤلمني أكثر حتى ان أراقب إستراتيجياتي وهي تبوء بالفشل». ويفهم خبراء الاستراتيجيات الجيّدون مسألة امتلاكهم أفكاراً فريدة حول الإستراتيجيات، لن يفهمها المنفّذون، ما يؤدّي عادةً إلى عواقب وخيمة، وبالتالي، يبقون على التزامهم.
* «تولى لمظاهر الذكاء أهمية مبالغ فيها، علماً بأن القيمة الحقيقية تكمن في الأفعال الذكية». ويعرف خبراء الاستراتيجيات المؤثّرون أن الإستراتيجيات التي وضعوها ليست إلا أحلاماً إن لم تُنفّّذ بشكل جيّد.
* «تضاهي مسؤوليتي حيال التنفيذ الجيّد مسؤولية المنفّذ حيال ذلك». هل هذا صحيح؟. على الأرجح لا. إلا أن أفضل خبراء الاستراتيجيات يرون أنفسهم كقادة، وليس كمجرّد مفكّرين. ويشعرون أن وظيفتهم تقضي بتوفير نتائج وعدم التوقّف عند الأفكار.
* ويرى أفضل المنفّذين أنه:
* «من الضروري أن أشارك في عملية وضع الإستراتيجية في وقت مبكر – حتّى إن عنى ذلك أنه عليّ التفنّن لأشقّ طريقي إليها». يعرف المنفّذون الأذكياء أنه من الضروري أن يستحقّوا مقعداً على طاولة الإستراتيجيات عبر إضفاء قيمة فعليّة عليها.
* «من الضروري أن أعرف الأسباب الكامنة خلف الإستراتيجية». سيرغب المنفذون الأذكياء في معرفة المنحى الفكري الذي وجّه بعض الخيارات. ويعرفون أن معرفة ذلك بالغة الأهمية لإطلاق أحكام قاسية عندما تتبدّل الظروف مع بدء سلوك درب التنفيذ (وهو أمر سيحصل حتماً).
* «تحاكي مسؤوليتي حيال إنتاج إستراتيجية قوية تلك المنوطة بخبير الإستراتيجية». ونسأل هنا أيضاً إن كان الأمر فعلاً صحيحاً. على الأرجح لا. إلا أن أفضل المنفّذين يعتبرون أنفسهم قادة ويرون أن دورهم لا يقتصر على التنفيذ. بل يشعرون أن عملهم يقضي بتوفير ميزة إستراتيجية للمؤسسة، لا تقتصر على مشروع.
وبالتالي، قد تلاحظ حسّاً واضحاً بالمسؤولية، يشمل الآراء المذكورة أعلاه كلّها، علماً بأنّها ليست مسؤوليّة عن مهمة معيّنة، بل أكثر مسؤولية عن المهام غير الموكَلة – أي مواطن الفوضى وسط المشروع، حيث لم يتّضح دور أيّ كان.
وفي هذا السياق، يعرب أفضل خبراء الإستراتيجية والمنفذين والقادة عن رأيهم قائلين: «أنا مسؤول عن ذلك»، وإن لم يكن الأمر وارداً في وصف الوظيفة.
- دوغ ساندهايم مستشار إستراتيجية لديه أكثر من 20 سنة من الخبرة في مجال مساعدة القادة على توجيه النمو الشخصي والمؤسسي. ويحمل أحدث كتاب له عنوان «الإقبال على المخاطرة الذكية: كيف يفوز القادة الأذكياء عندما تكبر الرهانات» Taking Smart Risks: How Sharp Leaders Win When Stakes are High