بدايةً يجب أن نقدم الشكر لمؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للأعمال الإنسانية مشروع المؤسسة لرعاية مرضى الكلى في مختلف مناطق السعودية، بتكلفة سنوية تتجاوز أربعمائة مليون ريال، جعلها الله في موازين حسنات خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله. كما نقدم الشكر إلى جمعية الأمير فهد بن سلمان رعاية مرضى الكلى (كلانا) على جهودها كذلك في جهودها المقدرة في هذا الشأن على مدى سنوات عديدة. دعواتنا بالثواب في الدنيا والآخرة للقائمين والداعمين لهذه الجمعية. ولا ننسى جهود أفراد آخرين قاموا وما زالوا يقومون بدعم مرضى الكلى، كسمو الأمير فيصل بن فهد رحمه الله.
موضوعنا اليوم ليس عن المؤسسات أو الجمعيات الإنسانية والخيرية، فهي تبحث عن منافذ تقدم من خلالها العمل الإنساني في المجال الصحي، وقد رأت أن هذا المجال يستحق الدعم بسبب انتشار المرض بين فئات السكان. ولأن الموضوع يتعلق بالجانب الصحي، فالمنطق يشير إلى أن هذا الدعم لن يحدث دون استشارة ودعم من لدن وزارة الصحة، وهنا أطرح تساؤلاتي لوزارة الصحة.
وزارة الصحة تحاول تخصيص خدمات العناية بمرضى الكلى وفي الوقت نفسه تحث الجمعيات الخيرية لدعم مرضى الكلى. فهل نفهم من ذلك أن الخدمات الصحية الحكومية أصبحت عاجزة عن التعامل مع أمراض الكلى؟ ولِمَ أمراض الكلى وما يتعلق بها من غسل وعناية بالذات تعجز عنها وزارة الصحة؟
هل يتم الأمر عشوائياً وبحسن نية أم أنه مخطط واختبار للانتقال لاحقاً إلى التوسع في تخصصات ومجالات صحية أخرى، بحيث تتحول الخدمات الصحية لدينا إلى مشروع خيري ضخم؟
نحن نكرر الثناء على المؤسسات والأفراد المتبرعين بخدمة هذه الفئة من المرضى، لكن جهدهم لن يكون دائماً وسيتأرجح وفق توجهاتهم ومواردهم المختلفة. وهذا يعني أننا نعرض خدمة أصحاب هذه الأمراض إلى خطر حقيقي حينما تتخلى عنهم وزارة الصحة معتقدةً أن القطاع الخيري يخدمهم فيبقون أسرى تقلبات العمل الخيري. وحتى لا أتهم بالتشاؤم هنا، فلنا مثال واضح في خدمات أصحاب الإعاقات، والسبب الرئيس هو ترك الأمر لظروف الجهة الخيرية التي تتولى هذا الموضوع. ولا زلنا نرى خدمات بعض أصحاب الإعاقات تقدم بالدول المجاورة ذات الإمكانيات الأقل لأنها لم تجد من يرعاها في ظل اعتقاد وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم بأن القطاع الخيري معني بها وسيقوم بسد الفراغ الحاصل فيها.
أخشى أن نعود في المستقبل إلى دعم تلك المؤسسات الخيرية من حساب وزارة الصحة، فتتحول وزارة الصحة إلى داعم للمؤسسات الخيرية بدلاً من أن تكون تلك المؤسسات الخيرية داعمة للعمل الصحي. وهذا افتراض نراه ميدانياً واقعاً من خلال الدعم الذي تقدمه وزارة الصحة تحت مسمى شراء الخدمة لبعض الجهات، حتى فاق دعم وزارة الصحة الثمانين مليوناً لإحدى المؤسسات الخيرية العاملة في مجال التأهيل، وهو مبلغ كان بإمكان بناء وزارة الصحة صرف جزء يسير منه على توسعة خدماتها أو إنشاء أكثر من مركز متخصص في هذا الشأن.
أطالب بوجود استراتيجية ورؤية واضحة في موضوع خصخصة الخدمة الصحية وفي تحويلها إلى خدمة خيرية، وأشدد على أهمية تولي وزارة الصحة مهامها في علاج جميع الأمراض لكل الفئات بعيداً عن مواطن تضارب المصالح في تداخل العمل الخيري مع الرسمي. كما أطالب مجلس الشورى والمجلس الاقتصادي بمتابعة ومراقبة عمليات التخصيص التي تدعيها وزارة الصحة، وهل تتم وفق رؤية وطنية اقتصادية واضحة أم مجرد اجتهادات ينقصها الغطاء التشريعي المناسب.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm