دونما التزام ديني أو أدبي وعلمي بما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) صحيح مسلم، وما رواه مسلم أيضاً عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع).
وفي زمن الفتن والمحن يجب على الجميع ألا يكونوا من مروجي الإشاعات والمقولات المغرضة والكاذبة التي تزيد في إحداث البلبلة وزعزعة المجتمع وعلى الإنسان التوثق والتثبت من مصدر الأخبار والمعلومة وحتى إن صحت فيجب النظر إلى مآلات نقل الخبر وردود الأفعال ولمن تصل إليه، فكيف إذا كانت هذه المعلومات والأخبار مغلوطة ويهدف مَنْ أنشأها إلى إحداث البلبلة والمشاكل في المجتمع.
والعجلة في نقل الكلام وإرساله سواء عن طريق المشافهة في المجالس أو عبر المواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي من الأمور المذمومة غير المحمودة التي شاعت في الآونة الأخيرة وكثرت وتعددت وتجاوزت إلى الكذب على الله - عز وجل - والكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهناك من يتسابق في نشر تفاسير ومعاني آي القرآن الكريم من أناس لا يعرف عنهم العلم الشرعي وتقدم مقولاتهم المنطوقة أو المكتوبة على أنها حقائق ثابتة على الرغم من مخالفتها لأقوال المفسرين الأوائل من الصحابة والتابعين وأهل العلم من السلف، وآخرون يسارعون ويتجرؤون في الكذب والافتراء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيضعون الأحاديث المكذوبة على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الأحاديث الصحيحة، وقد تناسوا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) وإذا كانت التقنية ساعدت على انتشار مثل هذه الأشياء فقد قيَّض الله بعض الغيورين على العلم الشرعي وخدمة كتاب الله الكريم وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا مواقع موثوقة للتثبت من صحة التفسير وصحة الأحاديث.
إنني أتمنى من كل من لا يعلم صحة الحديث الشريف الرجوع لهذه المواقع والتثبت من صحة الحديث، كما آمل من كل غيور ومن لديه الحماسة ألا يتعجل بإرسال ما يرد إليه حتى يتثبت من مصدره وصحته وصلاحيته للنشر لأن هناك من عرف ثقة الكثير ببعض طلبة العلم من الأحياء والأموات فأصبح ينسب إليهم ما لم يقولوه رغبة في تسويق ما يرمي إليه، وقد يجتز الكلام ويبتره أو يأخذ منه ما يروق له، وربما جاء بالسياق على جواب ليس له علاقة بالموضوع مما يتطلب التحري والتثبت، وقد حذّرت في مقالة سابقة من حماس البعض لمقولة: انشر تؤجر، حتى أصبحت: انشر تؤزر.
خاتمة:
قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
alomari1420@yahoo.com