حاجة فاطمة امرأة شديدة المراس، حادة الطبع، يخافها الأطفال ويهابها الكبار. جاءها زائراً يوماً أحد أقاربها المغتربين، سلم عليها فقابلته بفتور. عرف قريبها سبب مقابلتها الفاترة: انه طوال فترة اغترابه لم يقدم إليها هدية. أخذ القريب جلسته «قعدته» معها وعندما هم بالانصراف أدخل يده في جيبه وأخرج مبلغاً من المال ودسه «غمته» في يدها. فسحبت «نتلت» حاجة فاطمة يدها بعنف وقالت: «القروش ما دايراهن، أنا دايره البشوفوه الناس». ضحك صاحبنا واعترف لها عن تقصيره ووعد بإهدائها ثوبا فاخرا في إجازته القادمة.
حضر صاحبنا في إجازته السنوية وأوفي بوعده وأحضر لحاجة فاطمة ثوباً سويسرياً فاخراً. لبست حاجة فاطمة ثوبها وبدأت تجوب شوارع القرية، وكلما قابلتها امرأة أخذت تثني على ثوبها الجميل وتسألها «عليك الله يا حاجة فاطمة التوب السمح دا الجابو ليك منو؟، فتشعر حاجة فاطمة بالفخر والاعتزاز وتقول: «عليك الله توبي عجبك؟ فتجيبها» عجبني وبس، أموت ليك كان ماوريتيني الجابو ليك منو؟، فتنتفش حاجة فاطمة وتجيب بزهو: «التوب دا جابو لي فلان ود فلان من السعودية، الله يحفظه ويطول عمره»، فتسمع من صاحبتها مدحاً وثناءً على فلان «أريتو ود السرور اللي عز حبوبتو وجاب ليها داك التوب الما خمج» فتقوم حاجة فاطمة بالدعاء له بنبرة تحس معها بعلامة الرضا والسرور «- إن شاء الله - ربنا إدّيهو ويملأ إيديهو والعملو لي - إن شاء الله - يعملوه ليهو أولاده».
يالحكمة وسعة فهم جداتنا «حبوباتنا» الكبار: ترى حاجة فاطمة في إهدائها ثوباً فاخراً تقديراً واهتماماً بشخصها. أما الفلوس المدسوسة «المغموتة» في اليد فلا يعلم بها أحد إلا الله.
«وصحي الدنيا سمع وشوف زي ما بقول مثلنا الشعبي»