عثرت في ركن قصي من إحدى المكتبات على نسخة يتيمة من كتاب «وغاب فارس الرومانس»، الذي أعده الأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي والأستاذ وجدي عبدالله الجفري بعد رحيل أستاذنا الأديب عبدالله الجفري رحمه الله.

الكتاب ضم كلمات الأوفياء الذين عرفوا منزلته ومكانته، واشتمل على صور من مسيرته في عالم الصحافة والأدب.

أمضيتُ ساعات أقرأ الكتاب، وأتذكر ما كان يفعله - رحمه الله - من تشجيع لمن هم في بداية الطريق، ووجدت في الصفحة 639 مقالاً كتبته عنه في «الجزيرة» يوم 9-10-2008، واسترجعت ذكرياتي مع أديبنا الكبير - رحمه الله - فأنا أتابعه منذ زمن طويل في كل الصحف والمطبوعات التي كتب بها.. وكثير من كتبه التي طبعها.

وقد بعثت له برسالة أبدي فيها إعجابي بكتاب صدر له.. فكتب لي رسالة قصيرة ما زلت أحتفظ بها، يقول فيها: سأحتفظ برسالتك لأنها صبابة رواء في زمان الظمأ.

وأشاد بما كان يقدم سابقاً في ابنة الجزيرة الراحلة «المسائية»، وقال: «أنتم فيها شباب متابعون.. وصرتم تجيدون غرس البذور».

وكتبت له ذات يوم أدعوه - بوصفي قارئاً محباً - إلى أن يتحلى بضبط النفس، وأن يستمر في كتابة عموده، ويتجاهل إبعاد العمود لموقع آخر.. فكتب لي رداً فورياً نصه: «حتى لو أردت أن أغضب فقارئ مثلك يعقلني في زمن الصبر على المكاره.. وزمن الهرم المقلوب»!

)) رحم الله الأديب عبدالله الجفري؛ فقد كان مثقفاً حقيقياً، لا يسقط الكتاب من يده.. ولهذا برع في الكتابة؛ لأنه يملك المعلومة، ويعرف الكثير، وخصه الله بموهبة نادرة فكان يكتب بأسلوب جميل أخاذ زاويتين يوميتين، إحداهما محلية، والأخرى دولية، وعرفه القراء في أنحاء العالم العربي.. واستمر لسنوات مصرًّا على تدفق إبداعه حتى أعجزه المرض وأسقط القلم من بين أصابعه.