لم يفوت فرد أو جماعة فرصة تاريخية، بقدر ما فوتها الإخوان المسلمون في حكم مصر، بغباء، جاوز كل ما يمكن تصوره. وافتضح أمر (الإخوان المسلمين) باستغلال فرصتهم التاريخية في حكم مصر، بفرض سياسة الاستحواذ والأخونة والإرهاب في مفاصل الدولة المصرية، ولم يكن من المصريين إلا أن ثاروا بعد أن طفح الكيل من الإخوان، واستجاب الجيش المصري العظيم لمطالب كل ملايين الثوار لمطالبهم الشعبية، والذي كان من ثمارها الطيبة إزاحة حكم الإخوان المسلمين للحكم الواقعي وحكم الشعب وحكم الإرادة الخالصة للوطن بتعيين الدكتور عدلي منصور، والانتقال لمرحلة انتقالية حتى يتم اختيار رئيس منتخب وإعادة صياغة دستور حقيقي وعلمي جديد لمصر.
وإذا عدنا إلى ميثاق الإخوان المسلمين الذي وضعه حسن البنا في عشرينيات القرن العشرين لوجدنا أنهم أساءوا أكثر مما أفادوا به جماعتهم التي انتقلت من جماعة محظورة إلى جماعة منبوذة شعبياً وعالمياً، وأخص العالم الشريف، وليس العالم المحرك للفتن والقلاقل، لأن عروشهم لن تقوم ولن تدوم إلا على أنقاض ودمار الشعب المصري، وهذا ما لن يحصلوا عليه، وذلك بتعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه لمصر، ودمروا مصر كل منهم في مكانه: الرئيس في كرسيه وحاشيته، والمسؤول والنائب والمرشد على رعيته التي تنحني له بالولاء والطاعة، وهو المفهوم المغيب للعقل والأخلاق الإخوانية، وحكموا بالوزارات من أعلى الهرم إلى أسفله، والمدهش هو رجل الشارع وسيدة الشارع منهم بدأ يمشي بعرض كتفيه ويتحكم بالمارة والشارع لأنه يعتقد أنه من الصفوة، وممن أنزلهم الله للحكم بالأرض، منزهين ومعصومين من الأخطاء البشرية بل يعتقدون أنهم معصومون.
وإذا رجعنا قليلاً للوراء نجد أن منهجهم في كل بقاع الأرض بعيداً كل البعد عن أبسط مفاهيم الإسلام التي نعرفها عندما نقدر ونحترم ونتعلم من الشخص الملتزم دينياً وأتاه الله العلم والحكمة من إخواننا الملتزمين، المتعمقين في دراسات التفسير والحديث والفقه والتوحيد، فنأخذهم مراجع لنا بعلمهم بالشريعة الإسلامية وأحكامها، حين يذكروننا بالصلاة، فنخجل من قصورنا،ويرشدوننا إلى الدين الحنيف الصحيح وغيره من الدعوة لله إلا أن الآخرين الملتحفين بستار جماعة الإخوان المسلمين: فهل من تبقى من ملايين الشعب المصري فاسدون؟ وسيأتيهم الدور بحكم الكفر والارتداد واحداً بعد واحد؟.
وبالعودة لموضوعهم نجدهم أنهم أي تلك الجماعة الإخوانية هم أكذب الناس، وهذا ما ثبت للجميع، وما ينطبق عليهم قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}، ونجد أنهم أشد خطراً، بنقض العهود، ولديهم القدرة العجيبة على الظهور بأكثر من وجه، في كل مناسبة لهم حيلهم وألاعيبهم والمراوغة بالعبارات، إلا أن الله للكاذب بالمرصاد، وقال تعالى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، والذي لا يعرفه الكثير من عامة الناس أنهم أقوى تنظيم يستغل المال استغلالاً قذراً لتيسير أمورهم وجلب وغسل العقول الضعفاء لهم ليزداد حجمهم وعددهم، وكذلك شراء الفضائيات المفسدة، لتجد فرحتها بتنفيس سمومها على العالم العربي والتحالف مع أعداء الإسلام والسنة، لتروج مخططات الموساد باللهجة العربية، ولا تتخيل تلك القنوات من أكاذيبها بالصوت والصورة وانفضاح أمرها بنقل صور من مجازر الأرض السابقة لتضعها تحت عنوان: رابعة العدوية، وفاتني أنها لو كانت تخجل لما كانت أصلاً، ولكن قال المثل العربي: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. فعلاً كانوا من منظومة خارطة الشرق الأوسط الجديد، وتحت مسمى الخراف العربي والتجميل.
وأشد ما يدهشني هو موقف الغرب والقوى العظمى المتناقض تماماً كتناقض الإخوان يخرج علينا رئيس يوماً ويقول إن الحرب على الإرهاب ستكون واجبا وفرض عين على كل دولة، ومن لم يكن معنا بهذه الحرب سيكون ضدنا، ونجد آخر يحتفل بالقضاء على زعيم القاعدة في باكستان ونرى الجميع منهم متفق أن عدم إطاحتهم لبعض الأنظمة ورؤسائها والتي يصفونها بالطاغية وصبرهم عليه نتيجة أن هناك جماعات إخوانية وإسلامية من القاعدة، وفي نفس الوقت نجد أنهم يحاربون جيش مصر الأشرف بتاريخ الجيوش العالمية وليس العربية لأنه يحارب الإرهاب ويحارب المهجرين والتي وطنهم رفاق الدرب بعد وصولهم للحكم في أماكن شبيهة بالصحراء والجبال والكهوف في سيناء لأنهم لا يستطيعون أن يعيشوا عيشة الشرفاء والكرماء ونجدهم يدعمون من فض الاعتصامات القانونية في دول ويستنكرون فض اعتصامات الخراب والقتل وتخزين السلاح في رابعة العدوية، عجباً لسياسة قذرة ليس لها مبدأ بل ليس لها أصل من الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يتشدقون بها كالببغاء.
وسأذكركم بوقائع ترون بها أن منهج سياسة الإخوان المسلمين وخارطتهم وتصرفهم متطابق ومستنسخ وينبع من مدرسة واحدة كالأصل والصورة يشهد قذف الشباب بالإسكندرية من الإخوان من أعلى أسطح المنزل ورميهم من فوق خزانات المياه والذي أفزع قلوب الرجال قبل النساء قد رأيناه سابقاً وينفس الإخراج والسيناريو عندما حذف فرع الإخوان المسلمين في غزة زهور الشباب من أعالي أسطح الأبراج والعمارات وليس من فوق الخزانات، ورأينا نفس سيناريو القمع والاحتلال من أبناء الوطن لجزء من الوطن ليجعلوه إمارة إسلامية حسب معتقداتهم المتطرفة وخضوعهم وولائهم ومعاهداتهم مع إسرائيل وإيران وولائهم الكامل ليبقوا على عرش الحكم، ورأينا بكل بجاحة ووقاحة وعدم الخجل والخوف من الله نقض عهد واتفاق مكة المكرمة أي مسلم أنت يا من تدعي أن هناك لا جماعة للإخوان وأي إخوان وأي إسلام هذا.
عندما عرف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المسلم: وقال (إن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده)، وعندما حرم الله تعالى تكفير المسلم للمسلم وعندما حرم الله موالاة اليهود، كل هذا صفات الإخوان لأبسط قواعدهم، ويعرف ذلك كله حتى من لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم.
يجب أن نعترف أنهم استطاعوا بدهائهم ومكرهم وخداعهم ونفاقهم المعهود عنهم أنهم وأعوانهم خدعوا الشعوب العربية وخاصة الشعب المصري، والذي قدم رجاله ونساءه وشهداءه لثورة 25 يناير فكان الطبخ والنار تحت الوعاء، ولكن هناك طبخاً آخر ومكرا آخر داخل الوعاء. فسلبوا من الشعب المصري العظيم شعب التضحية وشعب الحرية والكرامة سلبوا منه ما تبقى من تلك المثل وأصروا على إذلال الشعب والسيطرة عليه بدس عناصرهم كالأفاعي في جسد المؤسسات المصرية.
ولكن ليس مصر من تركع، وليس المصريون من يرضى بالذل، فنهض المصريون ونظروا إلى شموخ الأهرام وعظمة شريان الدم لكل مصر بنيلها الذي يروي القلوب بالحياة واستمتعوا رائحة عبق التاريخ من آثارها الخالدة المعجزة فعرفوا وتذكروا أن الشعب إذا ما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر، وقرروا التمرد على الذل بالتمرد على طمس الهوية المصرية، التمرد على الاستعمار المنظم والممنهج واستعانوا بالله ومن بركة سحور رمضان بميدان التحرير، وأعلنوا أن لا إله إلا الله هي الغالبة والإسلام الحقيقي ما بين السحور والإفطار والصلاة الجماعية في طاعة الرحمن هي المنتصرة ورأينا المسيحيين يحمون المسلمين في صلاتهم بالميادين، ورأينا المسلمين يضعون دروعاً بشرية لحماية الكنائس وعرف من لا يعرف أن لا يوجه بمصر مسيحي ومسلم بل يوجد مصري حر في قلبه الإسلام ويدافع عن المسيحي؛ فالدم دم مصري والجنس جنس مصري والدين لله، وإذا عدنا قليلاً إلى الوراء لمشروع النهضة الأكذوبة التاريخية والذي هو أشبه بوعد بلفور لم يكن إلا مزيداً من الدخان والأكاذيب والخداع لتضليل الشعب المصري العظيم.
وانتصرت إرادة الشعب ووقف الحصن الحصين الجيش العظيم قاهر الجيوش وأشرف الرجال ليقف الدم المصري مع الدم المصري الحقيقي وليس الدم المصري الملوث بسرطان وجراثيم الحقد والكراهية والتبعية لمن يستأجرهم بالمال لتحقيق الأهداف الاستعمارية ويسخرونهم كالخراف وبهائم الأنعام إلى جيش الكلأ والربيع.
وأعلن الفريق السيسي وأشباله وجنوده وظهرت الشرطة المصرية والأمن المركزي بصورتها المصرية الحقيقية التي استمدتها من حضارات آلاف السنين فأذهلوا العالم وصدموه بعد ما ظنوا أن المواطن المصري قد غط في السبات وأكل الطعم وبات تمت هيمنته الاستسلام للواقع وبالتالي انفجر الحاقدون على مصر ووجدت القنوات الحقيرة مادة إعلامية لتشويه الحقيقة والدس والمكيدة. وكاد أن يهتز قليلاً أو يحبط فئة من تلك الشعب تلعب على الحبال فهم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وسارعوا بإظهار حقيقة خيانتهم وإظهار نواياهم التي كانوا يخفونها تحت شعارات رئاستهم للأحزاب برفض الإخوان وظلمهم فإذا هم أول المستقيلين ولم يعرفوا أن مصر وشعبها لا تحبطهم جماعة أو أشخاص عملاء ومندسون، وتكالبت الدول الغربية وتذكرت الأطلال وناقضت أفعالهم في سائر الدول العربية وفجأة بدأنا نسمع نحن حقوق الإسلام والسلمية وحق الأحزاب والمواطن المعارض بالسلاح والقتل والقنص وبدأت تسيل دموع التماسيح وبدأ الشرف السياسي عنوان كل أكوام زبائلهم الاستعمارية والديكتاتورية، كل هذا أحبط فرحة المصريين إلا أن الله وعد ووعده الحق أن يجعل في كل أمة عظيم ناصراً للحق لا يخاف في الله لومة لائم، وجاء قول الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجاء تصريحه وجاءت شهامة المملكة العربية السعودية قولاً وفعلاً بالنفس والنفيس والمال والمستشفيات فابتلت العروق بعد أن يبست ووجدوا أن الزعيم الإسلامي الحقيقي خادم الحرمين الشريفين يقول الحق ويفعل فعل ملوك الحق.
وأتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال خصال المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا أوعد أخلف وإذا أؤتمن خان. وكل هذه الصفات تنطبق على من حكم مصر من الإخوان، إلا من رحم ربي وعاد للصواب والحق المستحق.
وستبقى مصر شامخة عالية كشموخ علم مصر بألوانه الناطقة برموزه، بسواد أرضيته لكل من يقترب من أرضها ستمزقه وتجعل السواد في كل ردائه.
وكيف إذا ما كان وراء ذلك العلم ومعه راية التوحيد راية تلامس السماء، راية الحق راية الإسلام والمسلمين لبلاد الحرمين الشريفين يرفرف لا إله إلا الله محمداً رسول الله والله من وراء القصد.
- نائب المدير العام لجامعة القدس العربية