لا أدري ماذا يقول علماء الاجتماع السعوديون ولا أعرف إنْ كانت هناك دراسات اجتماعية ميدانية دقيقة رصدت تغيرات سلوك الناس في المجتمع السعودي فيما يتعلق باحترام الأنظمة والتزام ما يفرضه الذوق السليم في التعامل مع الآخرين.
أتساءل لأنني أجد أن سلوك الناس، على سبيل المثال، أثناء قيادة السيارة أو الوقوف في طوابير انتظار الخدمة أو المحافظة على نظافة الأماكن العامة أو ما شابه ذلك من السلوكيات تبدو كما لو أنها ساءت كثيراً في السنوات الأخيرة عما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة!
هذه ملاحظة ليست علمية ولا تقوم على أي إحصائيات دقيقة أو غير دقيقة وهي مجرد انطباعات شخصية وجدتُ أن الكثيرين يشاركونني فيها عندما أعبر عنها في حديثي بمجلس خاص أو بشكل عابر مع أناس ألتقيهم بالصدفة في مكان عام.
ماذا حدث لمجتمعنا!؟ لقد تخرج من مدارسنا وكلياتنا ومعاهدنا وجامعاتنا مئات الأولوف من المواطنين على مدى العقود الماضية، فلماذا لا نرى تأثيراً إيجابياً لزيادة عدد المتعلمين على السلوك العام ولماذا يعتقد أمثالي أن سلوك الناس في الماضي غير البعيد ربما كان أكثر تهذيباً وانضباطاً!؟
مثل هذا التغير حدث بشكل واضح حتى في مدن الساحل الشرقي من المملكة. فقد كانت المنطقة الشرقية بيئة صناعية منضبطة تشربت قيم العمل التي جاءت بها شركة أرامكو، وعندما بدأت المنطقة تجتذب أعداداً متزايدة من سكان الأرياف والمدن القادمين من مختلف مناطق المملكة بدأت المسلكيات العامة التي عُرِفَتْ بها المنطقة وفي مقدمتها الانضباط واحترام النظام تتغير بالتدريج نحو الأسوأ!
يرى البعض أن هذا التغير هو بسبب العمالة الوافدة وخصوصاً بعض العمالة الآسيوية التي جاءت من مناطق ريفية فقيرة. وقد يكون هذا التعليل صحيحاً إلى حدٍ ما، وربما تكون الفوضى التي تشهدها شوارعنا وأسواقنا انعكاساً للفوضى التي نراها في شوارعهم وأسواقهم والتي نقلوها لنا عندما جاءوا إلى بلادنا بحثاً عن فرص العمل. لكنَّ هذا لا يمكن أن يكون هو السبب الوحيد وربما ليس هو السبب الرئيسي. هل العمالة الوافدة أقوى من النظام لكي تكون هي سبب هذه الفوضى ام أنه لا يوجد نظام قابل للتطبيق أم أنه لا يُطبق!؟ ولماذا لا نكون نحن الذين نؤثر في العمالة الوافدة بدلاً من أن تؤثر هي فينا!؟
قبل أيام قرأت أن الدبلوماسيين السعوديين في ألمانيا هم الأكثر مخالفة لأنظمة المرور هناك، وأنهم ارتكبوا في عام 2012 وحده 2009 مخالفات!! أعتقد أن الكاتب وعضو مجلس الشورى الأستاذ إبراهيم البليهي هو الأقدر على شرح هذه الظاهرة، وأتوقع أنه سيقول كلاماً كثيراً مفصلاً يمكن اختصاره بجملة واحدة هي أن «الفوضى تسري في دمائنا»!
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر