تطمح كل الأسر لتوفير حياة كريمة لأبنائها ولا تجد رب أسرة أو أم إلا ويقدمون الغالي والنفيس لإسعاد أبنائهم فلا يبخلون عليهم بكل ما يطلبونه سواء أجهزة إلكترونية أو غيرها كل ذلك في سبيل إسعادهم ويبقى همهم هو توفير مستقبل مضمون النجاح عندما يكبرون وإذا كان لترشيد الطاقة أوجه عدة فإن التركيز على زوايا معينة بالمشهد العام له أهمية كبيرة لإيجاد التفاعل الإيجابي من الجميع بهذه المسئولية الوطنية العامة.
لكن التفكير بكل ما يحقق المصلحة للأجيال لا يجب أن يقف عند الاحتياجات أو الأفكار التي أصبحت تقليدية ويطبقها الجميع فبنهاية المطاف نحن ننفق عليهم من ثروة ناضبة نتقاضى إيراداتها عبر مداخيل بطرق عدة سواء رواتب أو من أعمال حرة جلها يتأثر بإيرادات النفط التي تشكل أكثر من تسعين بالمئة من إيرادات الخزينة العامة والجميع له مصلحة مشتركة كحكومة ومواطنين بإطالة عمر النفط ولكل طرف دوره فإذا كانت الخطط الاقتصادية التي تنفذها الأجهزة الرسمية تهدف لتنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة وترشيد استهلاك الطاقة لتفعيل الجانب الإيجابي لدورها باقتصادنا فإن للفرد دورا أيضاً لا يقل أهمية ويعتمد على مدى وعيه بأن أي هدر للطاقة يمكن تجنبه فإنه بذلك يحقق هدفين رئيسيين بوقت واحد الأول توفير بنفقاته والثاني ترشيد يطيل عمر الطاقة وينعكس بالخير على الأجيال القادمة.
فمبادرة الأسر لشراء الأجهزة الكهربائية المرشدة للاستهلاك أو السيارات ذات الاستهلاك المنخفض للوقود والعديد من المبادرات التي يوعون بها أبنائهم بأهمية ترشيد الاستهلاك له دور كبير بترسيخ أهمية الطاقة وأنها صمام أمان لأجيال عديدة وأنها واجب وطني فالفرد بإمكانه عمل الكثير سواء بمصاريفه على أسرته التي تنفق على الطاقة أو من خلال وظيفته للعمل على كل ما يؤدي لتقليل الاستهلاك للطاقة قدر ما يستطيع.
ولا يقل دور القطاع الخاص أهمية عن كل ما ذكر فبإمكانه لعب دور كبير بتوفير استهلاك الطاقة بأساليب عديدة تخفض الاستهلاك وتزيد من أرباحهم وكفاءة تشغيل منشأتهم من تطوير لأنظمة المباني والمصانع ووسائل النقل التي يستخدمونها بأعمالهم لموظفيهم التي كلها تساهم بهذا الواجب الوطني الكبير حتى تستمر نشاطاتهم لأجيال عديدة مما يتطلب بالمحصلة المبادرة من كل الأطراف وكذلك من خلال التجاوب مع أي برنامج حكومي يهدف للترشيد وتعظيم المنفعة من الطاقة بالمستقبل ولا يقل دور الإعلام والمؤسسات التعليمية أهمية بالتوعية بأهمية الطاقة وسبل المحافظة عليها باستهلاك منضبط يحقق منفعة عامة للوطن.
نعلم ان المملكة اكرمها الله بثروة كبيرة من مختلف انواع الطاقة وانها تملك اكبر احتياطي نفطي يصل الى 260 مليار برميل وكذلك اكبر منتج للنفط لكن هذا لا يعني أنها ثروة دائمة حتى لو كانت تكفي لمئة عام فالاستهلاك اليومي للمملكة وصل إلى ما يقارب 3،5 مليون برميل يوميا من النفط والنفط المكافئ وهو رقم كبير جداً وينمو سنوياً بنسب عالية ويشكل قرابة 30 بالمئة من الإنتاج ويعادل حوالي 40 بالمئة من الصادرات النفطية.
ولذلك إن محبة الأبناء أو الأعمال والنشاطات تتطلب المساهمة الجماعية بترشيد الاستهلاك للطاقة كما أن ذلك يعود بالنفع على التزامات الخزينة التي تدعم من خلالها أسعار الطاقة بما يزيد عن مئة مليار سنويا وسيذهب هذا الوفر الذي يتحقق من كل هذه الأرقام الضخمة لصالح تعزيز قوة التنمية المستدامة بمشاريع واحتياطيات مالية كبيرة على مدى سنوات قادمة تخدم مستقبلنا ومستقبل الأجيال لعقود بإذن الله.