|
كتب - المحرر الفني:
بعيدًا عن الفلسفة الزائدة، ومحاولة الانتقاص من قامة عظيمة كالتي يمثِّلها فنان العرب الأستاذ محمد عبده، وبعيدًا (جدًا) عن محاولات جديدة رخيصة للاستنقاص و(الوصاية) على محمد عبده بطريقة.. افعل ولا تفعل.. فإننا (جدّ) لا يمكننا السير خلف هذه (الجوقة) التي حاولت افتراس سيرة خمسين عامًا بطريقة فجّة، وصلتني عشرات الرسائل كلّّها تقول: لماذا لا تنتقد؟ ولماذا أنتم الوحيدون الذين بقيتم صامتين؟ ولماذا تتواطؤون مع محمد عبده في هذا الكليب؟
أجيب:
أولاً: أنا لست ملزمًا من أحد بإعطاء رأيي سواء بالسلب أو الإيجاب وليس معنى صمتنا هو شعورنا بخيبة الأمل، وعدم مقدرتنا على الحديث.. لكنَّني لا يمكن أن أمسك بقلمي الذي لم يبلغ عدَّة سنوات، لأتحدث (منتقدًا) خمسين عامًا من العطاء لمجرد كليب أو أغنية لم ترق للبعض.
لست مجبرا على المُضِيّ قدمًا مع أية موجة تسير هنا أو هناك، ولست أنا بالذي أقول لفنان العرب: لم فعلت ذلك؟
باستطاعتي الكتابة كل يوم منتقدًا هذا وذاك، لكن ليس من الحكمة أن أفعل مثلما فعل بعض الزُّملاء (البسطاء) الذين ذهبوا لأبعد من ذلك، حين قال أحدهم: إن كليب (وحدة بوحدة) نسف تاريخ محمد عبده، هذا ظلمٌ وتسطيح ومحاولة يائسة للمشي فوق الماء، ثمَّ إنني أتساءل هنا: ما الذي فعله محمد عبده في كليب (وحدة بوحدة) ليجد كل هذا؟.
مثل هذا الطَّرح السطحي، ماذا أقول؟ وأين يريدونني أن أقف؟ وكيف أرد وعن أيِّ شيء أحكي؟
هذا طرحٌ سخيفٌ، ونظر بعين عوراء، وحروف (ناقصة)، وفي الحقِّيقة فإنَّ البعْض لم يتجاوز طرحه لقطات الكليب، وكأن محمد عبده بدأ مسيرته قبل عدَّة أيام، وهو ما زال في حاجة (ماسَّة) لتوجيهات (كريمة) من بعض الزملاء، محمد عبده في نظر البعْض لا يألو على شيء وينتظر رأي البعْض على جمر الغضى.
أتعرفون الشعرة؟
كيف إن أسقطتها في بحرٍ وقلت لكم: هاتوها لي؟
هكذا فعل فنان العرب في كليب (وحدة بوحدة) ولهذا فلن أبحث عن هذه الشعرة، بل سأظل متأمَّلا في هذا البحر، الذي طالما غرق فيه الباحثون عن هذه الشعرة منذ خمسين عامًا.
لا أتحدَّث عن محمد عبده كحالة فنيَّة لا تخطئ، لكن هذه الحالة التي تجسَّدت في شخص فنان العرب كان لها اليد الطولى في حياكة نسيج فني لم يسبقه أحد من قبل أو بعد في المشهد الفني السعودي، شاء من شاء وأبى من أبى.
إن محمد عبده الذي ظلَّ خمسين عامًا يغني للحب والفرح والوطن، ونردّد أغانيه كل يوم يحتاج منّا اليوم كلمة (شكرًا)، وهي الكلمة التي استعصت على كثير منّا، بل إن تافهًا دعا عليه بالمرض، لمجرد أنَّه ظهر في قناة العربيَّة قبل نحو شهر ويزيد.
مثل هذا الجاهل يجعلنا نفكر ألف مرة في المبدعين هنا، وعن مصيرهم، وكيف ينظر مجتمعنا تجاههم، وأنا على يقين بأن هذا النكرة يرقص كل ليلة على أغاني فنان العرب، الذي أرى أن أغنية واحدة له تساوي عند الملايين شهادة ذلك (الناعق) الأكاديمية التي لم تشفع له وهو يتلقى الإهانات كل يوم.
وبالعودة إلى كليب (وحدة بوحدة) الذي أراد له البعْض أن يكون عقدة المنشار لهم، فإنني آسف أن وصل البعْض إلى حالة من الهرج والمرج الفكري، واللُّغة الجارحة لمحمد عبده، وكأنّه أصغر إخوته.
لطالما قلت مرارًا وتكرارًا أن محمد عبده ليس بحاجة لدفاعي، مثلما لا يضرَّه هجوم أحد، لكنَّني أدافع فقط عن الشمعة التي أضاءت عتمة المكان، ولم تلد حتَّى اليوم شمعة أخرى تخلفها.