المليارات التي تطير للخارج لها ما يبررها إذا كانت في المجال السياسي والعلاقات الدولية، وهي إستراتيجية تقوم بها الدول القوية للمحافظة على استقرارها ومكانتها وعلاقاتها وأهمية عائدها السياسي لا يقارن بمكوثها في بلدها الأصلي، ولكن عندما تطير عدد من المليارات للخارج في المجال الاقتصادي، هنا تكون المشكلة، باعتبارها بدون عائد سياسي واقتصادي، فما يذهب منها لا يعود.
وعندما تقرأ آخر إحصائية في هذا المجال وفقاً لأحدث تقرير صادر عن (البنك الدولي) تصاب بالذهول عندما تعلم أن إجمالي تحويلات العمالة الوافدة في الخليج تتجاوز 74 مليار دولار (279,4 مليار ريال)،وأعدادهم تتخطى 15 مليون شخص. فيما احتلت السعودية المرتبة الأولى خليجياً في حجم تحويلات العمالة الأجنبية بنحو 28,5 مليار دولار في عام 2011م.
(رقم) كبير جدا ينبغي ألا يمر بسهولة، دون اتخاذ تدابير تحد من هذه الظاهرة، وهو رقم ينبغي أن يقارن بحجم استثمارات المواطنين في بلدهم وتحديدا أصحاب المنشآت الصغيرة، ذلك أن (رأس) المال الذي يدور في البلد ويكبر ويتوسع يدعم نمو الاقتصادي داخليا ويعزز من مستوى الرفاه للمواطنين ويجعلنا دولة اقتصادية له أهميتها، ويحد من (الاقتصاد الريعي) الذي يفضل الاستهلاك والاستيراد أكثر من التصنيع.
هل يعد (حلما) عندما نريد استبدال 10 ملايين عامل في بلادنا يحولون 28 مليار دولار للخارج، إلى 10 ملايين مواطن سعودي، كل واحد منهم يملك منشأة صغيرة، ويكون حجم استثماراتهم 28 مليار دولار في العام الواحد. ما الذي يمنع ؟ هذا هو السؤال. يؤكد كثير من الاقتصاديين أن هذه الإحصاءات الموثقة ينبغي ألا تمر مرور الكرام، في ظل التحديات الدولية التي تعصف بالمنطقة، وفي ظل نسبة النمو السكاني والمتوقع أن يصل عدد السكان إلى 37 مليون نسمة بعد 10 سنوات. هؤلاء البشر إذا لم يأتوا للعالم وإلى جوارهم (منشأته الصغيرة) فإنه سيأكل (الحصى) وسيقف على (زنده) النسر، ولات ساعة مندم.
ريادة الأعمال، هي الحل الجذري، وهي الحل الإستراتيجي، وهي الحل الاقتصادي المناسب، وهي الحل الأمثل للرواتب الشهرية، وهي الحل لدولة اقتصادية قوية عابرة للقارات، وهي البديل الفاعل عن (بنت لبون) التي باتت لدى طلابنا مثل (العنقاء) يسمعون بها ولا يجدونها في الحياة.
nlp1975@gmail.com