يحكى أن ثعلباً جائعاً كان جالساً في أحد أيام الشتاء القارص على مدخل بيته فمرَ به الأسد وكان يرتعد من البرد, فنظر إليه الثعلب وقد أحس بأن الفرصة قد أتته للحصول على الطعام، فقد عرض على الأسد أن يعمل له (فروة) فقال له إن زوجتي ماهرة في عمل هذا النوع من اللباس..
فأعجبت الفكرة الأسد فقال له وكم يكلف ذلك فقال الثعلب: ثلاثة رؤوس من الغنم وستكون الفروة جاهزة بعد أسبوع، فأتى الأسد بالخراف إلى الثعلب واستمتع الأخير بأكلها مع أولاده وزوجته, وبعد مرور الأسبوع جاء الأسد فوجد الثعلب جالساً على باب بيته ومعه أولاده، فسأله عن الفروة فالتفت الثعلب إلى أحد أولاده فقال له اذهب إلى أمك وأحضر الفروة فذهب الولد وهرب لأنه يعلم كأبيه أن ليس هناك شيء اسمه (الفروة). تأخر الولد فالتفت الأسد إلى الثعلب قائلاً أين (الفروة)؟ عندها نهر الثعلب ولده الثاني وقال اذهب وانظر أين ذهب أخوك، فذهب الولد وهرب كأخيه عندها أحس الأسد أن هناك مكيدة، فعندما قام الثعلب وقال للأسد دعني أرى أين ذهب هؤلاء غضب الأسد وأمسك بذنب الثعلب فماطله الثعلب فقُطع ذنبه فهرب الثعلب, ولكن الأسد قال له أين تذهب فقد أصبحت مميزاً وسأمسكك يوما ما لكن الثعلب ظل يفكر بالأمر حتى اهتدى إلى حيلة تجعله يضيع بين الثعالب، فقد جمع الثعالب الموجودة في منطقته وشحذ هممهم وقال لهم إن مجموعة من الكلاب عازمة على الهجوم عليكم وتدميركم فهل تدافعون عن بيوتكم وممتلكاتكم أم تهربون, فقالوا بصوت واحد ندافع عن ممتلكاتنا، فقال ولكني أخشى أن تهربوا يوم الهجوم عندما تنبح الكلاب، فقالوا إذاً ما العمل, فقال: قد رأيت من المناسب أن تربطوا أذنابكم بعضها بالبعض الآخر حتى تقفوا بمواجهة العدو، وتم له ما أراد وتخلص هو من الوقوف معهم باعتباره مقطوع الذنب، فذهب هو وأولاده خلف التل وأخذوا يطلقون أصواتاً شبيهة بأصوات الكلاب فارتعبت الثعالب وهربوا فتقطعت أذنابهم جميعاً، وبعد أيام كان الثعلب سائراً ألقى الأسد عليه القبض, فقال له ألم أقل لك بأني سأمسكك يوماً، فقال له الثعلب: على من تتحدث أيها الأسد فقال: عن (الفروة) التي وعدتني بها وعن الخراف الثلاثة التي أكلتها، فأنكر الثعلب ذلك، وقال للأسد أيها الأسد إن الأمر مشتبه عليك، لم أكن أنا ولربما ثعلب آخر، فقال له الأسد: ولكني أعرفك وذنبك هذا علامة وأنا الذي قطعته، فقال الثعلب : أيها الأسد نحن عشيرة كبيرة وكلنا بلا أذناب وسأثبت لك ذلك، فنادى الثعلب على الثعالب البقية فنظر الأسد إليهم فوجدهم كما يقول الثعلب، فقد ضيعه الأسد ولم يستطع أن يهتدي إليه بينهم, لأن كثرة الثعالب مقطوعي الذنب جعل من الصعب أن يميزه فقد ضاع بينهم ونجى بنفسه.
وحال الثعلب والأسد يشبه حال الفاسدين، فقد غدا من الصعب أن تشخص هيئة النزاهة المرء النزيه لكثرة الفاسدين وتعدد وجوههم وأعمالهم ومسرحياتهم المختلفة وطرقهم وحيلهم وأساليبهم الخادعة وفرشهم وأغطيتهم وألبستهم وأشكالهم وهيئاتهم وأحجامهم.
إن بقر الفاسدين قد تشابه على هيئة النزاهة رغم تنوعه وتعدده واختلاف ألوانه، لكن عليهم إن أرادوا النجاح والتفوق كما يريد ويبتغي أولياء أمرنا حفظهم الله، أن يكونوا حاذقين بتميز، وأن يعملوا بثقة مطلقة وثبات وأن يبتعدوا عن الجمود والخمول والتلكؤ والمركزية البيروقراطية في العمل وأن يتجهوا بقوة نحو العمل الميداني بعيداً عن هدير المكيفات وأنوار المكاتب الخافتة.
إن طرق النجاح كثيرة، لكن على هيئة النزاهة أن تختار بدقة متناهية طرقها الخاصة والفريدة في النجاح والتفوق.
ramadanalanezi@hotmail.comramadanjready @