السياسة هي فن الممكن ولا شك.. والمصالح هي التي تسيرها ولا خلاف في ذلك.. فجلب المصالح باب مهم في الفقه الإسلامي.
وحضور تركيا المرحب به سياسياً هو بالتأكيد من باب وجود وسيط جيد مع الاتحاد الأوروبي، ونحن نحتاج كثيراً لتنويع علاقاتنا وعدم حصرها في اتجاه أمريكا فقط.
كما أن تركيا تمثل ثقلاً منافساً لإيران.. ومن الواضح أن زيارة محمود عباس لتركيا هي رد على زيارة خالد مشعل لإيران.
* هذا في السياسة أمر مقبول، فالمصالح تحدد المواقف ولا يخجل الساسة من مصافحة عدو الأمس الذي تحول إلى صديق اليوم؛ لأن من يتولى شؤون الناس ومصالح الدول لابد أن ينسى مواقفه الشخصية ويتذكر فقط مصلحة من يتولى أمرهم.
* لكن على الصعيد الديني.. أستغرب من أن يدغدغ البعض الحلم العثماني.. وكأن تركيا في واقعها اليوم هي الدولة العثمانية السابقة..
يعتبر البعض أن (تركيا) هي الحلم الإسلامي وأن الخلافة العثمانية بإمكانها أن تعود عبر موقف عبدالله أوردغان في مؤتمر دافوس ونزوله من المنصة، ويعتبرون بقاء عمرو موسى على المنصة هو خيانة عظمى للدين والعروبة ولقضية فلسطين.
* قال كثير من الأتراك إن موقف أوردغان أوحى للعالم أن تركيا بلد يرأس وزراءها رجل لا يستطيع ضبط انفعالاته.. وهذا عيب كبير في الساسة. بينما احتفى العرب بموقف أوردغان وكأنه حرر فلسطين وطرد بيريز ودولته إلى غياهب التاريخ!
* إن الاحتفاء بمثل هذه المواقف يكشف ضعفاً بائناً في تقدير الأمور..
فتركيا تلتفت اليوم لنا.. لا لعدالة قضيتنا.. لأن قضيتنا قديمة وليست وليدة اليوم.. وتركيا تنفذ برنامجاً مرسوماً لها لتكون مصدر قلق بديل عن العراق لإيران ودول المنطقة.. ونحن نقبل بهذا؛ لأن ذلك يخدم مصالحنا سواء في علاقتنا مع إيران أو موقفنا من قضية فلسطين.
* لكن يلزم أن لا تأخذ هذه المصالح بعداً دينياً، فتركيا هي تركيا مصطفى أتاتورك.. لم تغير في دستورها أو تشريعاتها بل هي بحاجة ماسة لتزكيتنا لها لتدخل ضمن الاتحاد الأوروبي وسوقه المشتركة.. لهذا لم ترقني استعادة حلم (العثمانيين) لأنه في قرارته رفض لمفهوم (الوطن) بصورته الحاضرة التي نسعى لتأكيد وترسيخ الانتماء إليه ولجذوره ولمنهجه!
لعل الأيام أبدت للبعض ما كانوا يجهلونه /هذا مقال نشرته هنا في 2009
f.f.alotaibi@hotmail.comTwitter @OFatemah