كتبت في زاوية الأسبوع الماضي مقالاً بعنوان (المبتعثون المتميزون ودعوة باراك أوباما) تطرقت فيه إلى دعوة الرئيس الأمريكي لتعديل قانون الهجرة في أمريكا بهدف استقطاب المتميزين من الطلبة الأجانب الدارسين في الجامعات الأمريكية في التخصصات العلمية والتطبيقية، وذلك بتوفير الوظائف المناسبة لهم والسماح لهم بالإقامة الدائمة والحصول على الجنسية ، ولا أخفيكم أعزائي القراء بأن هذ التوجه لأوباما قد اقلقني كثيراً، خاصة وأن لدينا عشرات الآلاف من الطلبة والطالبات يدرسون في الجامعات الأمريكية.
وما إن تم نشر المقال في هذه الزاوية يوم الاثنين الماضي، حتى بادر عدد من الأصدقاء بالاتصال بي متسائلين عن السبب الذي يجعلنا نميز خريجي الابتعاث الخارجي، كما يشيرون إلى وجود بعض المبتعثين قد تم إلحاقهم بالبعثة في تخصصات قد لا تكون الحاجة ماسة لمخرجاتها، فلماذا نعمل على استقطاب مثل هؤلاء المبتعثين ..؟ ولماذا نقدم لهم امتيازات إضافية مقارنة بغيرهم من حملة المؤهلات في المملكة.؟
ومع خالص تقديري لوجهة نظر المعلقين على المقال، يسرني أن أوضح عدداً من الجوانب منها:
(أ) ـ الخريجون الذين قصدتهم هم المبتعثون المتميزون فقط وليس كافة المبتعثين، حيث اقترحت في مقالي السابق على خادم الحرمين الشريفين أن يوجه ـ حفظه الله ـ وبشكل عاجل بتشكيل لجنة وزارية تنبثق عن مجلس الوزراء لتضع آلية ملائمة للمحافظة على المتميزين في التخصصات النوعية، وعلى أن يكون للجنة الوزارية لجان فنية أكاديمية تنسق مع الملحقيات في الخارج وكذلك مع الجامعات السعودية، ويتم حصر النوابغ والمتميزين السعوديين من الطلبة الدارسين في الجامعات الأجنبية والسعودية والعمل على استقطابهم وتوفير الوظائف ذات الامتيازات الجيدة لهم وتوفير مختلف وسائل الإبداع والتميز العملي لهم.
(ب) ـ الخريجون المتميزون الذين قصدتهم هم من أبدع في دراسته وتوصل إلى بعض الاختراعات وتميز بحثه العلمي من خلال النشر في قنوات النشر العالمية المشهورة.
(جـ) ـ الخريجون الذين قصدتهم هم المتخصصون في التخصصات التطبيقية والعلوم الأساسية كالكيمياء والفيزياء والرياضيات والطب وغيرها من العلوم التي تحتاجها بنية تنميتنا السعودية.
وبعد هذه الإيضاحات، هل ما زال البعض يعتقد بأننا لسنا بحاجة لأن نتحرك لجذب المتميزين من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين في التخصصات النوعية؟.
الجميع يعلم بأن الثورة الصناعية في ألمانيا والتقدم التقني في أمريكا لم يتحقق لأن جميع المواطنين الألمان والأمريكان عباقرة، وإنما كان السبب أن ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية نجحتا في استقطاب ودعم النوابغ والعباقرة والمتميزين علمياً والذين لا يتجاوز عددهم الواحد في المائة (1%) من عدد السكان، ووفرت لهم الوظائف ذات الامتيازات العالية، وكذلك البيئة التي تساعد على الابداع.
ولذا فإنني أعود وأؤكد بأننا ما لم نحافظ على النوابغ والمتميزين السعوديين سواء من بين الخريجين من برنامج الابتعاث أو من جامعاتنا السعودية والعمل على دعمهم وتهيئة كافة فرص النجاح والابداع لهم من خلال تبني برنامج (استقطاب المتميزين) يوجه به المقام السامي ويوفر مئات الوظائف في التخصصات التقنية والتطبيقية والطبية ذات الحوافز المالية الجاذبة لهم، فإننا سنخسر تلك الفئة سواء من الولايات المتحدة وغيرها لهم أو من خلال بعض دول الجوار كالإمارات وقطر واللتين تمكنتا مؤخراً من استقطاب أعداد من المتميزين السعوديين في تخصصات نوعية نادرة.
dralsaleh@yahoo.comالأمين العام لمجلس التعليم العالي