شدَّني حديث صحفي لأحد الباحثين السعوديين أواخر شهر رمضان، حين أكد فيه أن مرض (كرونا) القاتل للبشر (مستوطن) في المملكة منذ عدة عقود، وعزا السبب الرئيس في تفشي هذا الداء الفتاك إلى «الدواجن» فهو ينتقل منها مباشرة لبني آدم وخصوصاً المتعايشين معها أو (المحتكين) بها مباشرة، وأن هذا الفيروس يختفي سنوات، ثم يعود مرة أخرى للظهور ويخلف (ضحايا) دون أن يعرف الناس مصدره أو نوعه!!
وأكد هذا الباحث أن في (الإبل) مواد مضادة لمرض (كرونا)، لكنه لم يتم حتى الآن التأكد من ذلك إلا بعد دراسات وأبحاث وتجارب طويلة.
عموماً، ما أنا بصدد الحديث عنه اليوم هو (مشاريع الدواجن الحية) والتي أصبحت وللأسف داخل أحياء المحافظات والقرى والهجر فرضها أصحابها على (قاطنيها) الذين يشتكون من الروائح الكريهة وتلوث البيئة وانتشار حشرة (الذباب) أكرمكم الله في منازلهم!
أنا هنا لا أعارض انتشار هذه المشاريع التي تُشكّل ثروة وطنية هائلة وغذاءً يومياً لا يستغني عنه الناس، بل أُطالب بالتوسع في هذه المشاريع والمزارع المتخصصة في إنتاج الدواجن، لكن ليس على حساب صحة المواطنين وحياتهم التي نغصتها روائح ومخلفات هذه المشاريع!
إنني أطالب معالي وزير الزراعة ومعالي وزير الصحة كلٌ في اختصاصه بضرورة إبعاد هذه المشاريع عن المدن والمحافظات والقرى والهجر بمسافة لا تقل عن ثلاثين كيلاً، أو بمعنى أدق لا تكون داخل أو بالقرب من السكان، بل تكون في الصحراء، وما أكثر الصحارى عندنا!!
لقد حدَّثني أحد المواطنين وهو يعتصر من الألم، وقال لي إن مشروع دواجن قائم الآن لا يبعد عن مزرعتي ومسكني إلا 200 متر فقط، وقال إن روائح هذا المشروع التي تزكم الأنوف وتخنق الصدور أشمها أنا وأسرتي داخل منزلي، وأن هذا المشروع رغم مطالبتنا لصاحبه بإبعاده عن هذا الموقع، لكنه يصر على استمراره رغم مطالبتنا وشكوانا للجهات الحكومية المختصة.
ويضيف: لقد تأذيت أنا وأسرتي وجيراني وأهل المحافظة بشكل عام من هذا المشروع الذي جثم على صدورنا ونغص حياتنا..!!
إن هذا المواطن وغيره من الآلاف يشتكون من الأضرار الصحية والبيئية التي يتعرضون لها بسبب هذه المشاريع ويطالبون بإبعادها عن محافظاتهم، ويأملون في معالي وزير الزراعة وهو (صديق البيئة)، ومن معالي وزير الصحة وهو (الحريص على صحة المواطن) أن يرفعا تقريراً جريئاً للمقام السامي الكريم لإصدار قرار بإبعاد مشاريع الدواجن عن المحافظات والأحياء، لا سيما وأنها تلوث البيئة وتدمر الصحة، وأخطر من ذلك أنها السبب الناقل لمرض (كرونا) الذي ذهب ضحيته العشرات من المواطنين والمقيمين في عام واحد!
إنني وعلى لسان آلاف المواطنين ورغبتهم الشديدة، آمل إبعاد هذه المشاريع عن حياة الناس، وأتمنى أن يصدر قريباً قرارٌ عاجل وحاسم لمعالجة هذا الوضع القائم، فصحة المواطن ورغد عيشه أغلى من مُكابرة تاجر يبحث عن المال على حساب صحتهم، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يرضى أصحاب هذه المشاريع العيش بقربها أو السكن حولها؟.. أجزم أنهم لن يفعلوا ذلك ولو ليوم واحد، لكنهم يرضون لغيرهم ما لا يرضونه لأنفسهم وأسرهم، وكل ذلك بسبب البحث عن المال وزيادة الربح على حساب الناس الآخرين، وكل ما أقول: يا بعض أصحاب مشاريع الدواجن اتقوا الله في أنفسكم وفي صحة الناس، فقد (طفح الكيل) وصبروا سنين على أذاكم لهم، فأبعدوا مشاريع دواجنكم عن بيوتهم وارحموا صحتهم وصدورهم يرحمكم الله.
عبد الله الكثيري