لقد قلنا وكررنا سابقاً أن هذه العصابة المجرمة لن تتورع عن فعل أي شيء مهما كان بشعاً في سبيل إخضاع وقهر الشعب السوري، فإن لم توقظ هذه المجزرة غير المسبوقة ضمير النظام العالمي المتعامي عن كل جرائم هذه العصابة المجرمة فلن يوقظه أي شيء آخر بعدها، وبذلك نكون صادقين عندما قلنا مراراً وتكراراً إن النظام الدولي والإقليمي متآمر مع هذه العصابة في إبادة الشعب السوري أو قهره وإخضاعه. لا توجد كلمات تصف بشاعة جريمة اليوم ولا خسة ودناءة منفذيها الذين لا يمكن أن يكونوا من جنس البشر.
مجزرة اليوم ارتكبتها العصابة النصيرية في دمشق ضد شعب أعزل مستعملين 29 صاروخاً كيماوياً، وراح ضحيتها ما يقارب الألف وخمسمائة شخص، ما بين أطفال ونساء وشيوخ وعجائز، حدث هذا تحت سمع ونظر المراقبين الدوليين المكلفين بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية، الذين للإمعان في السخرية منهم لا يبعد مقرهم عن موقع المجزرة الرهيبة أكثر من 10 دقائق بالسيارة! بعد هذه المجزرة البشعة هل بقي لدى أي عاقل ذرة شك في تواطؤ النظام الدولي برمته مع هذه العصابة؟! وكذلك استخفاف هذه العصابة بكل القوانين والشرائع الإنسانية بموافقة دولية؟!
إن هذه المجزرة التي تقشعر من هولها وبشاعتها الأبدان، والتي سبقها عشرات المجازر المماثلة، تبرهن عن مدى ارتياح واطمئنان العصابة النصيرية إلى أنه لن يكون هناك أي رد فعل قوي تجاه سلسلة المجازر هذه المتواصلة من النظام الدولي بالرغم من خطوط السيد أوباما الحمراء، التي يبدو أنها للاستهلاك الداخلي الأمريكي فقط، والعصابة النصيرية تعلم ذلك، ولا أستبعد أن تكون الولايات المتحدة وإسرائيل قد أبلغت هذه العصابة منذ بداية الثورة السورية بأنها تقف إلى جانب هذه العصابة وتساندها في إبادة الشعب السوري، وأنه لا سقف أخلاقياً أو إنسانياً أو قانونياً يلجم هذه العصابة عن ارتكاب كل أنواع المجازر ضد الشعب السوري مهما كان نوعها. هذا هو بالضبط ما أثبتته الأحداث على الساحة السورية منذ ما يقارب ثلاث سنوات.
هذه بطولات جيش العصابة النصيرية الذي يدعي المقاومة والممانعة، والذي صدق الشاعر حينما وصفه إبان مجازر حماة في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، التي دك فيها هذا الجيش حماة بالمدافع والطائرات والصواريخ، وأباد أربعين ألفاً من سكانها؛ إذ قال الشاعر في وصف هذا الجيش آنذاك وكأنه يصف ما يجري اليوم:
كجيش حافظ الأسد
يدك في حماته وليس في فلسطين
ها هي إذاً المؤامرة على الشعب السوري وليس على العصابة النصيرية، تتضح بأبشع صورها لمن يريد أن يرى الحقيقة مجردة كما هي، وإلا فهل يعقل أن تتجرأ هذه العصابة المجرمة في استعمال الأسلحة الكيماوية بهذا الشكل البشع والواضح وهي تستقبل مبعوثين دوليين للتحقيق في استعمال الأسلحة الكيماوية بهذا الشكل البشع والواضح وهي تستقبل مبعوثين دوليين للتحقيق في استعمال الأسلحة الكيماوية؟! ولم تستعمل هذه العصابة الأسلحة الكيماوية في أطراف سوريا بعيداً عن أعين المراقبين الدوليين إنما استعملتها في دمشق، وبالقرب من مقر إقامة هؤلاء المراقبين، وذلك إمعاناً في الاستخفاف بهم وبمن يمثلون، تماماً كما تفعل إسرائيل منذ أكثر من 60 عاماً، غير أن إسرائيل لم تستعمل الأسلحة الكيماوية ضد أعدائها كما استعملها هؤلاء السفلة ضد مواطنيهم الأبرياء.
بعد هذه المجزرة البشعة والعشرات من المجازر قبلها كم من المجازر والأدلة تريدون يا جمهور سيد الكذب والمقاومة المزيفة لمعرفة كذب وخداع سيدكم المزعوم، هذه هي جرائم العصابة التي يدافع عنها سيدكم، والتي قال إنه مستعد شخصياً للقتال دفاعاً عنها هو وكل حزب الله، ونسي أنه بهذا يترك الجبهة الجنوبية مع عدوه المزعوم خالية من المقاومين! إذاً، هي أولويات سيدكم المزعوم: قتل السوريين الأبرياء أهم لديه من مقاومته للعدو الصهيوني الذي يبدو أنه قد اتفق مع سيدكم على إبقاء جبهة القتال الجنوبية هادئة حتى يتفرغ هذا السيد لمساندة العصابة النصيرية في قتل الشعب السوري، وقد خدعكم بأنه يقاوم هذا العدو منذ ثلاثين عاماً، والآن اتضح أن عدوه الحقيقي هو غالبية الشعب السوري، السني تحديداً، وأن قضية فلسطين ما هي إلا كقميص عثمان، يتذرع بها لتنفيذ المشروع الفارسي الحاقد على كل الأمة العربية، وليس السنة فقط.
لقد جن جنون سيدكم المزعوم بعد تفجير الرويس المدان، وفقد صوابه لمقتل 27 من الناس الأبرياء في معقله وحصنه الحصين، ولم نسمع منه حتى كلمة عزاء واحدة لعشرات الآلاف من القتلى السوريين الذين معظمهم إن لم يكن جميعهم من الناس الأبرياء، لماذا؟ هل قتلى الرويس بشر وقتلى السوريين غير ذلك؟
ثمانية أسرى لبنانيين في أعزار يحوم حولهم شك في أنهم من مناصري عصابة دمشق قامت الدولة اللبنانية كلها ولم تقعد للعمل على الإفراج عنهم، بينما مئات المختطفين اللبنانيين في سجون العصابة النصيرية منذ عشرات السنين وحتى الأمس القريب في دمشق لم يحرك سيدكم ساكناً للإفراج عنهم؟!
فمتى تستفيقون وتعلمون أنكم مجرد أدوات لدى الفرس بقيادة هذا السيد المزعوم، وأن كل شهدائكم طيلة هذه السنين ذهبوا فداء للمشروع الفارسي وليس لمقاومة إسرائيل كما يزعم سيدكم وأسياده الفرس؟
فيا جمهور سيد الكذب والخداع، لقد تماديتم في تعاميكم عن الحائق وانقيادكم لهذا الدجال انقياد القطيع، الذي سوف يوردكم مورد المهالك، وسوف تدفعون أثماناً باهظة لا تقدرون عليها إن لم تتداركوا أمركم، ويخرج منكم عقلاء يوقفون اختطاف طائفتكم وارتهانها لدى الفرس.
هذا ليس تهديداً بل هو منطق التاريخ وسُنة الله في خلقه، فلا يمكن للمظلوم إلا أن يقتص لحقه من الظالم ولو بعد حين، وعلى الباغي تدور الدوائر.