عن الارتباط الوثيق بين الخصخصة والاستثمار الرياضي، لقد تابعت ما قام به رجل الأعمال السعودي محيي الدين كامل من خطوة جريئة عبر الاستثمار في نادي نيويورك كوزموس الأمريكي، وذلك بالشراكة مع رجل الأعمال أوبراين مؤسس مجموعة وورد سبورتس، وقد سجل رجل الأعمال محيي الدين اسمه كشريك استثماري في ذلك النادي العريق.
والواقع الذي لا يمكننا التغافل عنه أن رجال الأعمال يملكون من الحس الاستثماري والذكاء التجاري ما لا يمكن الاستهانة به، فإقدام كامل وأوبراين على ضخ مبلغ 100 مليون دولار لن يكون على سبيل التسلية أو الاستعراض، فالنادي الأمريكي نيويورك كوزموس قد توقف لمدة 30 عاما قبل أن يعيد انطلاقته من جديد عام 2009م.
وإذا ما نظرنا للأسباب التي تقف وراء توجه رؤوس الأموال بل ورجال الأعمال كذلك نحو الاستثمار في الأندية الرياضية العالمية وبالأخص أندية كرة القدم في أوروبا وأمريكا، فهناك أسباب مشتركة بين جميع الأندية الكروية من حيث النشاط والجماهير، فكرة القدم بصورة خاصة تمتلك شعبية واسعة على مستوى العالم وهناك تغير جذري في ممارسة هذه اللعبة سواء على مستوى اللاعبين أو الأندية خلال السنوات الماضية، فأصبح العمل الإداري بغالبية الأندية العالمية يسير وفق معايير مؤسساتية وعلى أسس علمية وقوانين حماية فعالة وواضحة.
حيث إن الاستثمار في الأندية الرياضية يهدف إلى زيادة رأس مال النادي وموارده عن طريق تشغيل الأموال واستغلالها بهدف زيادتها، ويمكن بعد ذلك استغلال تلك العوائد في تمويل الأنشطة الرياضية الأخرى والوصول بها إلى مستوى أفضل من الناحية التنافسية لتحقيق البطولات.
ولكن هل تعتبر شعبية رياضة كرة القدم كافية لجذب الاستثمارات لها، بكل تأكيد لا، ولعل المعيار الحقيقي الذي يعول عليه الكثير من المستثمرين قبول الدخول في الاستثمارات الرياضية من عدمه هو وجود قوانين وأنظمة تنظم ذلك الاستثمار وتحميه بل وتشجع رؤوس الأموال على الأقدام والمخاطرة به.
نظرا لكون الاستثمارات الرياضية في الأندية العالمية قد أثبتت نجاحها بكل المقاييس، وأكبر دليل على ذلك الاستثمار الناجح هو ما قامت به عائلة جلايزر عبر استثمارها في نادي مانشستير يونايتد بداية عام 2005 إلى أن أصبح أكبر النوادي ربحا حيث بلغ صافي الربح مليار و860 مليون دولار لعام 2011، ولكن لولا وجود قوانين واضحة تضبط عملية الاستثمار الرياضي لما كتب لهم النجاح.
ويمكننا القول: إن وجود أنظمة وقوانين تنظم الاستثمار الرياضي بالاشتراك مع وزارة التجارة والرئاسة العامة لرعاية الشباب وجميع الجهات الأخرى ذات العلاقة بالنشاط الرياضي سيؤدي بكل تأكيد إلى تحفيز رؤوس الأموال وتشجيعها للتوجه نحو الصناعة الرياضية، فما نراه من توجه لرجال الأعمال نحو الاستثمار في أندية خارجية دليل على وجود تلك الرغبة لديهم للخوض في ذلك النشاط الرياضي حتى ولو كان في أندية سبق أن توقفت كما هو حاصل في نادي نيويورك كوزموس الأمريكي.
لذا فإن للخصخصة ارتباط وثيق بل وأساسي في توجيه رجال الأعمال نحو مثل تلك الاستثمارات في أنديتنا الرياضية، حيث إنها القاعدة الأساسية وحجر الزاوية التي لابد من وجودها ليس لتشجيع المستثمرين فحسب ولكن كذلك لضمان استمرارية النشاط الكروي وتطوره أسوة بالأندية العالمية الأخرى.
عليه لا بد من العمل على تسريع عملية الخصخصة وفق الدراسات التي أعدت لها وتطبيقها ليتمكن المستثمرون من الدخول في ذلك النشاط بكل شجاعة، بحيث يتم بعد ذلك تحويل تلك الأندية الرياضية إلى شركات مساهمة كأندية أوروبا، وبالتالي يزداد النشاط الرياضي عامة وكرة القدم خاصة قوة واحترافية سواء بالعمل الإداري أو الرياضي بالإضافة إلى إتاحة تلك الأندية الرياضية المساهمة العديد من فرص العمل للشباب المهتم بالرياضة للانخراط في منظومة النادي والعمل به كمصدر رزق دائم ومستقر نسبياً.
mshujaa@hotmail.comماجستير الإدارة الرياضية