** كنت قد تناولت في مقالة الاسبوع الماضي غياب التوعية الادخارية في المجتمع ، وعلى وجه الخصوص فئة الشباب ، وتطرق الحديث الى غياب أي مبادرة من الجهات المعنية بالتربية والاقتصاد، وفي نفس يوم نشر المقال تلقيت اتصال من الزملاء بالقطاع الاعلامي في هيئة السوق المالية وعلمت بان لديهم جهود جيدة في مجال التوعية ، واطلعت على عدد كبير من الاصدارات القيمة التي تم تزويدي بها، وكانت متنوعة ما بين التوعية بسوق المال والجوانب القانونية وغيرها من امور الاستثمار وقدمت بلغة واضحة وأسلوب سلس، ولفت نظري من بين تلك الإصدارات مجلة « المستثمر الذكي» وهي كما علمت اول مجلة متخصصة بتوعية النشء ماليا في العالم العربي ، اضافة الى عدد من الالعاب الالكترونية التي فيها رسالة توعوية هادفة، وهذا جهد مميز يحسب للهيئة التي رغم مهامها الكبيرة الا انها عملت على تعزيز الجوانب التوعوية التي قدمت للكبار بشكل احترافي، وقدمت للنشء بأسلوب المزج ما بين الترفيه والتوعية .

** ونتمنى من الجهات الأخرى سواء التعليمية والتربوية والاقتصادية ان يكون لها دور توعوي مماثل ، وان تكون هناك شراكات فاعلة بين كل الجهات لتعزيز وإثراء الحصيلة الفقيرة من الثقافة الادخارية لدى ابناءنا وهذا بالطبع يحتاج إلى عمل متواصل ، فالنزعة الاستهلاكية العشوائية المتغلغلة والهدر المادي على الكماليات مستشري فمقولة « أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» يبدو أنها مكتسحة كل الثقافات المخالفة لها.

** ثقافة الادخار تحتاج لعاملين: الأول الجانب التوعوي وله قنوات وأساليب كثيرة ومتعددة الأشكال ، والثاني هو وجود برامج ومشاريع تشجع على الادخار ، وهذا يتطلب ان تقوم البنوك بدورها الاجتماعي ومسؤوليتها تجاه شباب المستقبل من خلال تطوير وابتكار برامج ادخارية لها بعد الاستراتيجي وان تكون شاملة لكل شرائح ومستويات الشباب والنشء ، ومن المهم إيجاد حوافز مشجعة تدعم الادخار وأعتقد هناك برامج لدى بعض البنوك لكنها ضعيفة ولا تتضمن حوافز ، ويمكن لوزارة التربية ومؤسسة النقد والبنوك خلق برامج تستهدف غرس هذه الثقافة لدى الصغار ، وكذلك يمكن للغرف التجارية أيضا أن تساهم في الجانب التوعوي والتثقيفي كإحدى مؤسسات المجتمع المدني المعنية بمثل هذه الجوانب التي فيها فائدة للفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني، ونتمنى أن تتشارك هذه الكيانات الكبيرة في تهيئة البيئة لغرس بذرة مثمرة في حقل الادخار الذي سيقطف ثماره الجميع في المستقبل.