إن قضية العنف الأسري من القضايا الخطيرة التي تعطيها جميع الإمارات في المناطق اهتمامها بشكل سري مع الجهات المعنية باعتبار أنها الحاكم الإداري في المنطقة، وبلا شك قبل إنشاء دور الحماية والضيافة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية كانت بعض النساء المتضررات من عنف أُسرهن أو أزواجهن يلجأن لأمير المنطقة طلباً للحماية والمساعدة الذي يقدم لهن جميع المساعدات للنظر في شكواها، وبعضهن يتم إيوائهن في أماكن مخصصة لهن بالقرب من مسكنه تحت إشراف نسائي حتى يتم الانتهاء من معالجة شكواها، كمثل شيوخ القبائل في الماضي الذين لا يتركون المرأة المتضررة والشاكية لهم حالها قبل أن يأخذون لها حقها من المعتدي عليها ويهدئون من روعها ! وحالنا الآن مع تعدد شكاوي النساء لا يقل اهتماماً عن السابق، بل ازداد الاهتمام بازدياد القضايا الأسرية وهذا نتاج طبيعي للاهتمام الإعلامي الحقوقي في السنوات الأخيرة وخاصة من عام 2004 وإلى وقتنا الحاضر. وتعتبر إمارة منطقة الرياض من الإمارات التي لا يمكن إغفال دورها في هذا الاهتمام بالرغم ما تواجهه من قضايا يومية هائلة باعتبارها إمارة للعاصمة، وبالرغم من هذا لها دورها الهام في البت في كثير من القضايا الأسرية التي تواجه لجنة الحماية الاجتماعية بالمنطقة، ومن واقع تجربتي الشخصية والعملية على مدى السنوات الماضية تلقينا مساندة ودعم لا يعلمه الكثير من حيث دخولنا بيوتاً حبست نساءها وحرمتهن حق العيش الكريم، وساهمت معنا في سحب أطفال مُعنفين من بيوت آبائهم غير الآمنة وتسليمهم لدار الحضانة كحماية مؤقتة لهم حتى يتم تسليمهم لأمهاتهم المُبعدات عنهم إجباراً وليس اختياراً! وتوجهنا باستقبال شكاوي النساء المتضررات بإحالتهن للحماية للدراسة والإفادة عن وضعهن الأسري، وتتابع معنا تنفيذ أمر الترحيل والإبعاد للنساء الأجنبيات ذوات القضايا الأخلاقية، وتتفهم شكاوي أولياء الأمور ضدنا واتهامنا دوماً بتحريض نسائهم بالهروب من منازلهن واللجوء للشرطة أو الحماية للمطالبة بحقوقهن وحمايتهن من العنف الواقع عليهن! وهذه أكبر معضلة تواجهنا في عملنا ألا وهي “أولياء الأمور” من آباء وأزواج وإخوة، وهم فئة لو عاشت معها نساؤها الأمان والعيش الكريم، لم تضطر للهروب من مسكنها طالبة الحماية والإنصاف! وبالرغم من ذلك يستنكرون على نسائهم المطالبة بحقوقهن الشرعية ويعتبرونه منكراً عليهن، ويستنكرون منا مساعدتهن والتجوب معهن في حق الإيواء أو الإبعاد عن مصدر الأذى ! ولكن هناك فئة من أولياء الأمور بحاجة للردع والعقاب لأنهم المتسبب الأول في انحراف وهروب بناتها وهم فئة “الآباء” العدوانيين والمجردة قلوبهم من الرحمة الأبوية والبخيلين في مشاعرهم العاطفية تجاه بناتهم الصغيرات، مما يؤدي إلى نزاعات مستمرة في الأسرة ودفع البنت دفعاً لا شعورياً للبحث عن البديل الأبوي العاطفي لتعويضها الحرمان الذي تعيشه خاصة عندما تفتقد الرقابة الواعية، وتفتقد أيضاً للعلاقة البديلة العاطفية مع الأم التي قد لا تكون أحسن حالاً من بناتها لكنها لا تملك من الأمر شيئاً! هؤلاء الآباء الذين يدفعون بناتهم للانحراف بتربيتهم القاسية لا بد أن تتخذ معهم إمارات المناطق إجراءات صارمة في تخليهم عن بناتهم بعد هروبهن وانحرافهن مع رجال لا يقلون لؤماً وخبثاً عن آبائهن لاستغلالهم لهن أسوأ استغلال ثم رميهن في الشارع! وأتمنى تكون إمارة الرياض نموذجاً لإمارات المناطق بتوجيهات قائدها الجديد الأمير “خالد بن بندر” أعانه الله على مسؤولياته العظيمة، وذلك بإعادة الإجراءات المتبعة مع هؤلاء الآباء الذين لم يراعوا الله في بناتهم ويتسببون مباشرة في هروبهن وانحرافهن ثم يرفضون استلامهن بعد انتهاء مدة بقائهن طويلة في المؤسسات الإصلاحية أو دور الضيافة، ويرفضون زيارتهن أو التجاوب مع محاولات تلك الجهات لإعادة تكيف الفتاة مع أسرتها، ويعتبرونها بذرة فاسدة لا يمكن رجوعها للبيت مرة أخرى حتى لا تفسد البقية! وكأنها ليست بابنته وهو من قام بتربيتها وحرمها أبسط حقوقها من الحب والاحتواء والحماية الأبوية؟! هذه النماذج من الآباء لا بد أن تتخذ معها الإمارة الإجراءات الصارمة حتى لا ترمي فشلها التربوي على الجهات الحكومية ويتم الحد من تعددها الزواجي الذي لا يجلب للمجتمع إلا نماذج منحرفة وعدوانية مما يرهق الدولة ميزانية طائلة لإعادة تربيتهم وتكيفهم بصعوبة مع الحياة الطبيعية مرة أخرى!
moudyahrani@ تويتر