|
البحرين - جمال الياقوت:
أكَّد الأمين العام لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة أحمد نجم أن التحكيم في أسواق المال بدول مجلس التعاون موضوعٌ قد يتصف بكثير من الجرأة والإقدام كون مجمل أسواق المال لم تول التحكيم اهتمامًا يتوافق مع مبدئه الاتفاقي وإرادته الحرة، إِذْ لا يتصور إجراؤه تسلطًا أو إكرهًا، مبينًا أنَّه إذا اعتبرنا أن أسواق أوراق المال مكان للاستثمار وليس ساحة للمضاربة فإنَّ ذلك يُحتِّم تطوير قوانين الإصلاح والشفافية لتسهيل التَّعرف على اتجاهات أداء البورصات بِشَكلٍّ أدقٍ، وتوفير منظومة لفضّ المنازعات بالوسائل البديلة ومنها التوفيق والتحكيم.
جاء ذلك خلال إطلاق مركز التحكيم التجاري الخليجي يوم الأحد الماضي 18 أغسطس فعاليات مؤتمره السنوي بصلالة الذي جاء تحت عنوان «التحكيم في منازعات أسواق المال الخليجيَّة» تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة وبحضور معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي وزير الدَّوْلة ومحافظ ظفار وعدد من الشخصيات والفعاليات المهمة.
وأوضح الأمين العام لمركز التحكيم التجاري الخليجي أن تحقيق التكامل النقدي للمنظومة الاقتصاديَّة الخليجيَّة يَتطلَّب توحيد العملة الخليجيَّة بعملة واحدة يتم التَّعامل بها، وهذه الدرجة العالية من التكامل تتطلَّب إيجاد بنك مركزي واحد للمنطقة وتوحيد الأسواق والسياسات الماليَّة وترسيخ مفهوم الادخار والاستثمار، منوهًا بضرورة المحافظة على درجة استقرار الأسواق الخليجيَّة والعمل على توحيدها حتَّى يتمكَّن المستثمرون من اختيار المشروعات الأكثر كفاءة وعائدية مما يُحفِّز الإنتاج والكفاءة على مستوى الاقتصاد الكلي، وإضفاء المزيد من العمق والسيولة على الأسواق، بجانب أن الأخذ بالتحكيم بمجموع حرياته سيشجَّع جذب استثمارات خارجية غير مباشرة، خاصة أن حرية الاتفاق وحرية اختيار المحكمين تعد مخالفتهما في أدبيَّات التحكيم سببًا لإبطال الحكم.
وأضاف نجم أن الحالة المجزأة للبورصات الخليجيَّة باختلاف الثّقافات الاستثماريَّة وأدوات فضّ المنازعات في أسواق المال وقواعد الإدراج والتداول تجعلها صغيرة أمام البورصات الأمريكيَّة أو الأوروبيَّة أو الآسيوية عند توحيدهما مستقبلاً. واختتم نجم كلمته بالإشارة إلى أن التطلُّعات كبيرة خلال الفترة القادمة أن تأخذ الأمانة العامَّة لدول مجلس التعاون الخليجي بعد تشكيلها للهيئة المشرفة على توحيد أسواق المال الخليجيَّة نظرة حول قبول اللجوء إلى قواعد التحكيم بمركز التحكيم الخليجي ولو بصورة خاصة مبدئية في بعض المنازعات الفنيَّة ذات المبالغ الكبيرة بين متعددي الأطراف من الشركات الخليجيَّة المستثمرة، كما قدم شكره للمؤسسات والهيئات المشاركة في هذا المؤتمر وبنك عمان العربي الداعم لهذا المؤتمر ولجريدة عمان لرعايتها الاعلامية. وافتتح المؤتمر بكلمة للدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة أكَّد فيها على أن تنظيم المؤتمر بالتعاون بين مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة وغرفة تجارة وصناعة عمان (فرع محافظة ظفار) يأتي في وقت تحرز فيه اقتصاديات دولنا الخليجيَّة تقدمًا مطردًا وتوجه فيه اهتمامًا خاصًا لجذب استثمارات القطاع الخاص المحلي والإقليمي الدولي.
وأشار السنيدي إلى أنَّه في ظروف العولمة وتحرير نظَّم وإجراءات الاستثمار والتجارة في الخدمات على المستوى العالمي تبرز الضرورة لتبني القوانين التي تُطبِّق على العلاقات ذات الطابع الدَّوْلي المُتَّصلة بأسواق الأوراق الماليَّة وذلك من أجل تأسيس علاقات اقتصاديَّة دوليَّة متناغمة تكون على توافق ومع مجموعة القواعد الإجرائية للتحكيم التجاري التي تتبناها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدَّوْلي (يونسترال) ولمَّا للتحكيم التجاري من فعالية تسوية المنازعات خارج أنظمة المحاكم الرسمية.
وأعرب الشيخ عبد الله بن سالم الرواس عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان ورئيس فرع الغرفة بمحافظة ظفار خلال كلمته عن ترحيبه بالحضور وتشرف الغرفة باستضافة المؤتمر للعام الثامن عشر على التوالي الذي يشارك فيه أبرز القضاة والمختصين ومديري الإدارات القانونية في الشركات والمستشارين والخبراء القانونيين في مجال التحكيم التجاري من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربيَّة.
وهذا يدل دلالة واضحة على نجاح الملتقى ونجاح الجهة المنظمة وهو مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون في أداء رسالته.
وبدأ الملتقى جلسة العمل الأولى تحت عنوان «التحكيم في منازعات أسواق الأوراق الماليَّة تجارب ودراسة مقارنة» وقد ترأس هذه الجلسة المحامي عبدالحميد الصراف من دولة الكويت. قدم ورقة العمل الأولى في المؤتمر أحمد نجم عبد الله النَّجم الأمين العام لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون التي حملت عنوان (تباين التشريعات بدول مجلس التعاون الخليجي من التحكيم في أسواق الأوراق المالية) وقد تضمنت هذه الورقة أربعة محاور رئيسة بدأها أولاً بجوهر التحكيم وطبيعته قضايا التحكيم التجاري والمحور الثاني تحدث فيه نجم عن مدى اعتبار تحكيم أسواق الأوراق الماليَّة تحكيمًا من عدمه حيث قسم المتحدث فقهاء التحكيم إلى ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الرافض حيث لاحظ جانب من الفقه أن نظام التحكيم في سوق الأوراق الماليَّة الاجباري يقوم على افتراض قبول المتعاملين بالسُّوق لهذا النظام لا خيار لهم في اللجوء إليه ولا تُؤدِّي فيه إرادته أيّ دور فهو مفروض عليهم بنص القانون. فيما حملت ورقة العمل الثانية في الجلسة الأولى عنوان (التحكيم في منازعات الأوراق الماليَّة والسلع) وتحدث في هذا الشأن المستشار الدكتور مجدي ابراهيم قاسم المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للتوفيق والتحكيم التجاري رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة وقد تناول المتحدث العديد من الأمثلة بشيء من التفصيل حول العديد من القضايا في المحاكمات التجاريَّة وطبيعة العمل القضائي في مثل هذه المنازعات. وفي الورقة الأخيرة من الجلسة للأولى للمؤتمر قدم أحمد حسين المسجل العام لغرفة البحرين لتسوية المنازعات (الفصل في منازعات المؤسسات الماليَّة والدوليَّة ذات الطّبيعة التجاريَّة) وقد عرض أحمد حسين في هذه الورقة تجربة غرفة البحرين لتسوية المنازعات كنموذج تحدث فيه عن الرؤية الاقتصاديَّة ودعم بدائل حل المنازعات وتشريعات غرفة البحرين واختصاصاتها.
أما جلسة العمل الثانية من اليوم الأول للمؤتمر فقد حملت عنوان «النظام القانوني للتحكيم في أسواق أوراق المال الخليجيَّة» وقد أدار هذه الجلسة المحامي سعيد بن سعد الشحري حيث تَمَّ تقديم ثلاث أوراق عمل، حملت الورقة الأولى عنوان «النظام القانوني للتحكيم لدى هيئة الأوراق الماليَّة والسلع بدول الإمارات العربيَّة المتحدة» تحدث فيها الأستاذ خالد محمود محمد مدير إدارة التنفيذ والمتابعة بهيئة الأوراق الماليَّة والسلع بدول الإمارات العربيَّة المتحدة عن التحكيم الاجباري والاختياري والتحكيم الداخلي والدَّوْلي وطبيعة التحكيم التجاري بِشَكلٍّ تفصيلي في دولة الإمارات العربيَّة المتحدة كما تناول بعض صور التحكيم وبعض التقسيمات التي قام بها الفقه في تناوله لموضوع التحكيم التجاري. وفي الورقة الثانية من جلسة العمل الثانية في المؤتمر قدم الأستاذ خالد بن عبد الله المديد مدير إدارة التمثيل القضائي بهيئة السُّوق الماليَّة بالمملكة العربيَّة السعوديَّة ورقة عمل عن (طبيعة التقاضي للحقِّ العام والخاص في سوق المال بالمملكة العربيَّة السعوديَّة)، وعرض المتحدث معلومات عن تاريخ تأسيس هيئة السُّوق الماليَّة السعوديَّة وصلاحياتها والإدارات التي تتكون منه الهيئة ونظام السُّوق المالي ومواده التي تقع في عشرة فصول واللوائح التنفيذيَّة والتنظيميَّة في هيئة سوق المال.
واختتمت جلسة العمل الثانية أوراقها بالدكتور أحمد يوسف جاسم الحجي مدير إدارة التحكيم في هيئة أسواق المال الكويتية. وتناول فيها المتحدث نظام تحكيم هيئة أسواق المال الكويتية مستعرضًا تاريخ أنظمة التحكيم التجاري في دولة الكويت.
وكانت الجلسة النقاشية لليوم الأول حول القانون الواجب التطبيق على العلاقات القانونية المُتَّصلة بأسواق الأوراق الماليَّة ذات الطابع الدولي».