في العام الماضي قضيت فترة في إحدى المدن الأمريكيَّة، ولقد كانت نتائج طلابنا في معهد اللُّغة في تلك المدينة مخيبة للآمال، حيث أخفق الكثير من الطُّلاب وهم في غالبيتهم من صغار السن في اجتياز الدِّراسة في معهد اللغة! ولقد صدق الشاعر حين قال (إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أيّ مفسدة)!
وأضيف أنا وضعف المتابعة من الملحقية، فالملحقية رغم ما تقوم به من جهود مشكورة إلا أنَّها بحاجة إلى آلية للمتابعة اللصيقة للطُّلاب لتحوّل دون إخفاقهم ولتعينهم على اجتياز مرحلة هي من أشد مراحل الابتعاث صعوبة، فذلك أصبح أمرًا ضروريًّا قياسًا بالنتائج والمشكلات التي يقعون فيها أن ينظر إلى الأمر بطريقة أخرى!
شبابنا سجلوا في معهد اللُّغة أسوأ صورة عن الطالب السعودي، غياب بالأيَّام وبعضهم تَمَّ فصله وغادر إلى مدن قريبة وكان النتيجة نفسها إلى أن عاد إلى المملكة حتَّى من دون (خفي حنين)!
وبلغة الأرقام فلقد تَمَّ (فصل) أكثر من خمسة عشر طالبًا سعوديًّا من المعهد لتدنِّي مستواهم العلمي في الفصل الدراسي الماضي!
كثيرون تنقلوا أكثر من مرة بين المعاهد وهو يعتقد أن السبب المعهد وليس استعداده وجاهزيته للدراسة!! وهناك من خطط ليكون سائحًا وليس دارسًا، ثمَّ يعود لأهله بعد أن استمتع بوقته كسائح على حساب الدولة!
لقد كانت سيرة بعض الطُّلاب في المعهد مخيبة للآمال بسبب ما يمارسونه من تصرَّفات من بينها الغياب أيَّامًا متواصلة والغش في الاختبارات والواجبات!
والإداريون والمعلمون الأمريكان لا يتحدَّثون بِشَكلٍّ إيجابيٍّ عن شبابنا بينما يمنحون الطُّلاب الكوريين واليابانيين والكويتيين وغيرهم الكثير من الاهتمام بسبب جديتهم! يتنقل الطُّلاب بين معاهد اللُّغة اعتقادًا منهم أن معلمي المعهد سيئون وأنَّهم (يتحدونهم) نفس ما يعتقده طلاب الثانوي في مدارسنا! تجمعاتهم وسهراتهم الليلية على البلوت والكبسات، وابتعادهم عن المجتمع الأمريكي وعدم متابعة الملحقية لأدائهم في المعاهد أولاً بأول أدَّى إلى سوء التحصيل، وما دام أن وزارة التَّعليم العالي ترسل صغار السن إلى مجتمع غريب، فإنَّ المتابعة تقتضي أن يكون في كلِّ ولاية أمريكيَّة مشرف واحد على الأقل يتابع و(يزور) المعاهد والجامعات لمتابعة أحوال الطُّلاب الدراسية والحزم مع الذين يمارسون الغياب والكسل، ثمَّ يُحقِّقون الفشل!
ولعل من المهم أيضًا إرسال رسائل أسبوعية للطُّلاب تعرفهم بالقوانين والقيم الأمريكيَّة بدل أن يقع الطُّلاب (الصغار) في مشكلات بسبب اختلاف الثَّقافة والقيم تنهي أحيانًا حلمهم الدراسي! لقد تكرَّرت إنذارات لطلاب يسكنون في شقة لا تخلو من ضيوف وسهر حتَّى الصباح فتم طردهم من السكن بسبب الإزعاج للجيران وحكمت المحكمة على كلٍّ واحد منهم بما يقارب 300 دولار!
إن إرسال طلاب وطالبات صغار السن، دون أن اجتياز (كورسات) للُّغة الإنجليزية قبل السَّفَر تُؤهِّلهم لاجتياز معاهد اللُّغة في أمريكا ساهم في فشل وإخفاق بعض الطلاب. وحتى وإن تَمَّ اتِّخاذ كل الاحتياطات فإنَّ من المهم التأكُّد من جديتهم في الدراسة، خاصة أن كثيرًا من الطَّالبات لأوَّل مرَّة يغادرن الحدود!
فهل من العقل الزج بصغار السن في مجتمع مفتوح دون إرشاد وتأهيل اجتماعي وأكاديمي! كما أن الإخفاق يجب ألا يمرُّ دون مساءلة، ولقد كانت إحدى الدول الخليجيَّة أكثر حرصًا على طلابها لدفعهم للنجاح، لأنّها تطلب منهم استرداد تكاليف الدِّراسة عند عدم الاجتياز، مما يدفعهم إلى الجدية في التحصيل الدراسي.
ومن المهم أن تسهم الملحقية في قبول الطُّلاب في الجامعات الأمريكيَّة بعد إنهاء الدِّراسة في معاهد اللُّغة حتَّى لا يصبحوا ضحايا لسماسرة عرب يأخذون منهم مبالغ كبيرة مع أن هذه الخدمة من صميم عمل الملحقية التي اعتقد أنَّها ترصَّد الكثير من المشكلات التي يَتَعرَّض لها الطُّلاب، التي لم اتطرَّق لها، ولهذا فهي مدعوة لدراسة هذه الظَّاهِرَة وإيجاد الحلول المناسبة حتَّى لا يظل الابتعاث رحلة إلى المجهول لطلاب صغار السن ليس لديهم الخبرة لاجتيازها!
alhoshanei@hotmail.com